Site icon IMLebanon

روسيا على خطى حزب الله

تثبت المجريات الميدانية في سوريا بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام، يوماً بعد يوم عمق البصيرة النافذة لدى الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله وحسن استشرافه للافق المفتوح على كافة الاحتمالات ونظرته الاستراتيجية الثابتة في لعبة الامم، يوم قرر الدخول الى الميدان السوري لملاقاة التكفيريين وقتالهم هناك قبل وصولهم الى الساحة المحلية. يومذاك قامت قيامة فريق 14 آذار الذي سوّق لمقولة الحياد حيال ما يجري في سوريا متهماً «حزب الله» بتوريط لبنان في حرب ليست له جاعلاً من عرسال محطة حج له كلما تعرض الجيش اللبناني لكمائن التكفيريين، فحول الجلاد الى ضحية ما جعل معظم الغوغائيين والمتعاطفين مع «داعش» و«النصرة» يقومون باستغلال اي عملية لمكافحة الارهاب التكفيري بالعنوان المفضوح «مظلومية اهل السنة»، على حدّ قول اوساط متابعة للملف التكفيري، علماً ان قرار دخول الحزب الميدان السوري جاء متأخراً في وقت سبقه الآخرون من داعمي ما يسمّى المعارضة السورية الى هناك، وقاتلوا لتأسيس امارات اسلامية، مثل على سبيل الذكر لا المثال «امارة الحصن» التي لعب التكفيري الفار وليد بستاني دور الامير فيها قبل ان يقتل في صراع بين التكفيريين اللبنانيين في الامارة والسوريين منهم، ناهيك بمدينة القصير التي كانت من اهم وابرز معاقل «النصرة» و«داعش» وقد حاول التنظيمان المذكوران اجتياح البلدات الشيعية والمسيحية في البقاع الشمالي تمهيداً لتوسيع رقعة نفوذهم وبسط سلطتهم في مخطط للتمدد الى لبنان وفق الاوساط المواكبة للوقائع الميدانية بعد سيطرتهم على الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا وربط ريف حمص ببلدات القلمون السورية وقطع الطريق الدولية بينها وبين دمشق وبين مدن الساحل السوري.

وتضيف الاوساط ان دخول «حزب الله» الميدان قلب الموازين في اللعبة الاقليمية والدولية حيث شكل سقوط القصير قلعة التكفيريين مقتلاً للفصائل التكفيرية ما اثار سخط الغرب الذي كان يراهن على ان سقوط النظام السوري ليس سوى مسألة وقت قصير ومع تمدد الحزب وتحرير يبرود وكافة المدن القلمونية انقلبت المعادلات وتحول التكفيريون من مرحلة الاجتياح الى مرحلة الضمور والفرار الى الجبال للتحصن بوعورتها ومع ثبات النظام السوري في وجه الحرب العالمية التي شنت عليه، بدأ اللاعبون الكبار في قراءة حساباتهم ليتحول الرئيس السوري بشار الاسد من مشكلة الى جزء من الحل، على الرغم من اصرار المحور التركي – السعودي – الاميركي على مقولة «لا مكان للاسد في مستقبل سوريا»، وقد حاول المحور المذكور اقناع روسيا بذلك الا انه فوجئ برفض خجول لذلك. لكن مع تطور الامور خرج الموقف الروسي من الخجل الى الاعلان عن دعمه المطلق للاسد كون الجيش السوري والمقاومة هما الطرفان الوحيدان اللذان يقاتلان التكفير بعدما تكشف الخداع الاميركي بما سمي التحالف الدولي لمكافحة الارهاب والذي من خلال طلعاته الجوية ضاعف قوة «داعش» على الرقعتين السورية والعراقية.

لم تقف تركيا متكوفة الايدي امام انقلاب الموقف الاوروبي من النظام السوري بل ردت له الرجل بتنظيم ممنهج دفع عشرات الالاف من السوريين بالهجرة الى اليونان من السواحل التركية، كردة فعل على الاوروبيين من جهة والرفض الاميركي لاقامة منطقة آمنة باشراف تركي داخل سوريا، ما يشير الى ان نفوذها في لعبة المصالح الاممية يساوي صفراً قياساً الى حجم الآخرين، ولعل اللافت ان رحلات الهجرة غير الشرعية للاجئين السوريين الى اوروبا، دفعت بدولها الى اعادة النظر في تسهيلاتها وهرولة زعمائها نحو لبنان في مخطط خبيث لتثبيت النازحين السوريين وتوطينهم في لبنان من خلال تقديم الدعم المالي لهم وجاءت زيارة دايفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني ضمن هذا الاطار ولا تخرج عنه الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاندا المرتقبة نهاية الجاري.

وتضيف الاوساط ان موسكو التي تصرفت بديبلوماسية حيال مواقف الغرب من سوريا حسمت امرها معتلمة خطى «حزب الله» في الدخول الى الحلبة ولولا ذلك لكان «داعش» يسرح في جونية وفق ما نسب للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، فقررت الدخول ميدانيا الى سوريا حيث تدفق الخبراء الى الساحل السوري للاشراف على قيام قاعدة جوية روسية في منطقة جبلة يؤمن حمايتها رجال المشاة في البحرية الروسية وما سرّع في قرار موسكو معلومات اجهزتها الاستخباراتية عن قيام واشنطن بتدريب مئات من الشيشانيين والقوقازيين وبقية الجمهوريات السوفياتية السابقة للقتال الى جانب المعارضة السورية والتكفيريين ليتم نقلهم بعد انتهاء ومهماتهم الى بلدانهم، ما يعني انعاش وامتداد التكفير الى الداخل الروسي، فقررت موسكو قتال التكفيريين في سوريا كي لا تقاتلهم لاحقا في جمهورياتها السابقة التي تربطها علاقات تاريخية بتركيا ودخولها متأخرة كما فعل «حزب الله» افضل من عدمه بكثير في لعبة صراع البقاء وصدام الحضارات.