إتصالات الساعات الأخيرة هل تفتح الأبواب أمام التسوية السياسية للأزمة السورية
روسيا إقترحت وأميركا دعت وفرنسا ومصر ولبنان تشارك في مؤتمر فيينا
أهمية محادثات فيينا أنها تجمع الرياض وطهران للمرة الأولى منذ نشوب حرب اليمن
شهدت الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، إتصالات دولية وإقليمية موسّعة تقودها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا توحي وكأنها تمهّد الطريق للوصول إلى تسوية سياسية توقف حمّام الدم المستمر في سوريا منذ قرابة الخمس سنوات، وذلك بعد الاجتماع التمهيدي الذي عُقد في فيينا قبل بضعة أيام بمشاركة كل من أميركا وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا، وتركز البحث فيه على الأزمة السورية واقتراحات الحلول للتسوية السياسية على خلفية جنيف واحد الذي ينطلق من وقف للنار وتشكيل حكومة وطنية كاملة الصلاحيات توفّر الأرضية الصالحة لإجراء إنتخابات نيابية بإشراف الأمم المتحدة.
وتشمل الإتصالات الجارية الحالية إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة العربية السعودية كُلاً من إيران والعراق ولبنان ومصر وفرنسا التي أعلنت أمس عن استعدادها للمشاركة في هذه المفاوضات التي يُنتظر أن تبدأ في خلال الساعات القليلة المقبلة، وفق ما أعلنت مصادر أميركية وروسية على أن يُعقد مساء اليوم الخميس إجتماع تمهيدي بين الدول الأربع التي شاركت في الاجتماع الأول الذي عُقد مطلع هذا الأسبوع في العاصمة النمساوية.
المصادر الدبلوماسية تعلّق أهمية خاصة على هذا الاجتماع الموسّع لأنه بالإضافة إلى أنه مؤشر على حصول تقدّم في المباحثات الرباعية السابقة على صعيد الحلول السياسية المتداولة للأزمة السورية، يجمع طهران والرياض لأول مرّة منذ نشوب حرب اليمن جنباً إلى جنب للتباحث في الوصول إلى تسوية سياسية توقف حمّام الدم السوري الجاري منذ قرابة الخمس سنوات، والذي تشارك فيه إيران إلى جانب نظام بشار الأسد، غير عابئة بالتحذير السعودي والخليجي وحتى العربي من مغبّة استمرار هذا التدخّل ومخاطره على الأمن القومي العربي والإسلامي في المنطقة العربية، وفي العالم الإسلامي بأسره.
وتُجمع مصادر المعلومات على أن الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهّدا لهذا اللقاء بسلسلة إتصالات أجراها كل منهما مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الأيام القليلة الماضية، واتصالات أخرى بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري وثالثة بين لافروف ونظيره الإيراني محمّد جواد ظريف، وتركزت كلّها على وجوب توسيع دائرة التواصل بين القوى المعنية لإنهاء الصراع في سوريا قبل محادثات فيينا.
ووفق التقارير الأولية التي وصلت إلى عدد محدود من المسؤولين اللبنانيين فإن محادثات فيينا الموسّعة ستحاول بإصرار من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومعهما تركيا والسعودية تذليل العقبات الثلاث التي اعترضت التسوية في الاجتماعات الرباعية والتي يمكن تلخيصها بثلاث، الموقف الروسي المبدئي من مصير الأسد ودوره في المرحلة المقبلة، مُـدّة الفترة الإنتقالية للحكومة المقترح تشكيلها من المعارضة ومناصري النظام، أما النقطة الثالثة فتتعلّق بتحديد ما إذا كان ضرب الإرهاب لا يزال هو الأولوية، أم أن الأولوية ما زالت، وفق مندرجات جنيف هي أن الهدف يجب أن يتركّز راهناً على إرساء التسوية بمشاركة الجميع بوصفها تشكّل أولوية عند معظم الدول المشاركة ولا سيّما عند السعودية وتركيا ومصر والولايات المتحدة الأميركية على أن تتفق الدول المشاركة بناء على موافقتها المسبقة على محاربة الإرهاب في المنطقة بكل أشكاله على خطة متكاملة ومشتركة لإنهاء هذه الظاهرة التي باتت تهدّد العالم بأسره.
واللافت في هذه التطورات المتسارعة أن موسكو وغداة الاتصالات التي إجراها رئيسها بوتين مع المملكة العربية السعودية، ومع كل من إيران ومصر والعراق هي التي بادرت إلى طرح فكرة توسيع قاعدة المحادثات بحيث تشمل كُلاً من إيران والعراق ولبنان ومصر وفرنسا فيما تولّت واشنطن توزيع الدعوات، الأمر الذي يؤشّر بشكل واضح إلى حصول تقارب بين العاصمتين في شأن النقاط الخلافية الثلاث التي سبق ذكرها، ويوسّع بالتالي دائرة الضوء في إمكان التوصّل في هذا الاجتماع الموسّع إلى تسوية سياسية على خلفية جنيف واحد وتشكيل حكومة إنتقالية كاملة الصلاحية تتولى إجراء إنتخابات نيابية بإشراف الأمم المتحدة، على أن يتنحى الرئيس الأسد بعد هذه الانتخابات عن كل مهامه الرئاسية ويفسح في المجال أمام انتخاب رئيس جديد لسوريا، وفي ذات الوقت تكون موسكو ورئيسها بوتين قد حققا أهدافهما الرئيسية من عاصفة السوخوي التي ضربت سوريا وفي مقدمها تعزيز وجود روسيا في منطقة الشرق الأوسط ومن البوابة السورية جواً وبحراً كدولة عظمى ذات نفوذ وتأثير إقليمي ودولي فاعلين إضافة إلى ضمان إيجاد حل لمشاكلها الاقتصادية الناجمة عن منافسة الغاز القطري لإنتاجها في هذا المجال وبيعه إلى أوروبا.