كانت مجموعة «القمم» التي انعقدت في الرياض الحدث الأبرز في الأيام القليلة الماضية، وانتهت إلى عقد اتفاقات شاملة في شتى المجالات، بخاصة على الصعيد الاستراتيجي. وسوف تظهر نتائج القمة التي هي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التاريخية إلى المملكة العربية السعودية.
وتواصلت العناوين للأزمات الكبرى نفسها: من آخر مستجدات الساحة السورية، إلى المواجهة مع إيران.
وقد حصلت «الحياة» على بعض المعلومات من الجانب الروسي يُكشف النقاب عنها للمرة الأولى، ونرى إثباتها في هذا المقال.
هناك بعض التفاصيل من الجانب الروسي تتصف بالأهمية ويمكن التوقف عندها لمعرفة موقعها من مسار الحوادث في سورية. ويمكن إنجاز التطورات الروسية عبر المعلومات التالية:
كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن موسكو تعمل بـ «نشاط مع الأردن وإسرائيل في الشأن السوري».
وأماط اللثام عن اجتماع عقد في موسكو لمسؤولي الأمن في كل من إيران وروسيا والعراق والنظام السوري. ودعا وزير الدفاع الروسي إلى «أن يبدأ العمل في الدستور ومستقبل سورية سواءً من منطلقات جنيف، أو من مقررات الآستانة»، نظراً لأن الأحاديث تدور حول بحث آليات اعتماد الدستور الجديد، وحول الآليات الجديدة للانتخابات البرلمانية وانتخاب القيادة السورية.
وفي خوضه في بعض التفاصيل ذات الطبيعة الأمنية، قال وزير الدفاع الروسي: «سنتمكن من العمل على تثبيت كل معايير خريطة إنشاء ممرات آمنة بين الأطراف المتنازعة، ويجب أن يكون طولها، وفق روسيا، نحو كيلومتر واحد». وتابع شويغو: «إننا نعمل في شكل مستمر مع الأردن ونعمل كذلك – لا أخفيكم أمراً- مع إسرائيل! مشيراً إلى اتصالات وصفها بالبناءَة مع وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان. وقد حرص على إعطاء الانطباع بأن لدى روسيا كل الإمكانات كي تؤدي الدور الذي يوصل إلى بداية نشطة للحوار السياسي حول تسوية الأزمة السورية.
وكشف وزير الدفاع الروسي عن تفاصيل أخرى خلال الاجتماع المشار إليه، بقوله: «إن موسكو ما زالت تواصل بحث تطورات الأزمة السورية بصورة مستمرة مع الولايات المتحدة»، كاشفاً عن عمل مشترك بين الأطراف المعنية على مشروع مناطق تخفيف التصعيد في جنوب سورية.
وقال ما حرفيته: «إن اتصالاتنا وتعاوننا مع الأميركيين لا تنقطع ومستمرة على مدار الساعة، نتحدث معهم ليل نهار، ونلتقي على مختلف الساحات»… وقال إن عملاً كبيراً يجرى مع الأميركيين، رافضاً الكشف عن أي تفاصيل قبل إنجاز ذلك العمل، مكتفياً بالإشارة إلى أن العسكريين الروس والأميركيين يعملون بالطبع على إقامة مناطق تخفيف التصعيد جنوب سورية.
وتطرق الاجتماع السري إلى الحديث عن استخدام السلاح الكيماوي في سورية، فكرر وزير الدفاع الموقف الروسي الرسمي الذي «يرفض تحميل نظام الأسد المسؤولية عن تلك الهجمات، والتي وصفها بـ «مجرد فبركات»، مؤكداً أن وزارة الدفاع الروسية «تمتلك معلومات حول احتفاظ المنظمات الإرهابية المحظورة في سورية (جبهة النصرة و «داعش») بمكونات السلاح الكيماوي».
كما كشف الوزير شويغو عن زيارة قام بها الجنرال فاليري غيراسيموف رئيس الأركان الروسي إلى سورية، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل عن هذه الزيارة.
وإلى جانب هذه المعلومات، كشف النقاب عن معلومات أخرى من أبرزها: ان قادة مجالس الأمن القومي لكل من روسيا وإيران والعراق والنظام السوري عقدوا اجتماعاً (الثلثاء الفائت) في ضواحي موسكو، ولم تشر وسائل الإعلام الروسية إلى هذا اللقاء. وما قصرت عنه موسكو قامت به وكالة «فارس» حيث أعلنت أن مسؤولي الأمن من الدول المذكورة عقدوا اجتماعهم الأول في ضواحي موسكو وشارك فيه نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي وعلي مملوك مستشار الأمن القومي السوري وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، وفالح فياض مستشار الأمن القومي العراقي، وتركزت مواضيع البـحـث على وسـائل التصـدي للإرهاب وعلى نتـائج القمـة السعودية – الأميركية في الرياض.
وجدير بالذكر أن انعقاد هذا الاجتماع هو الأول من نوعه بين كبار المسؤولين الأمنيين الأربعة، منذ الإعلان في ايلول (سبتمبر) 2015 عن تشكيل تحالف يضم روسيا ونظام الأسد والعراق وإيران لمواجهة تنظيم «داعش». وتقرر في هذا الاجتماع ضبط التنسيق بين الدول الراعية لمحادثات آستانة، أي إيران وروسيا وتركيا، من أجل دعم وقف إطلاق النار في سبيل إنهاء الأزمة السورية. وتم الاتفاق على عقد اجتماعات أمنية على هذا المستوى الرفيع بصورة دورية.
وبعد…
كشفت دوائر موسكو عن بعض المستور في الوضع السوري ستكون له ترددات في غير اتجاه. وفي السياق ذاته تبقى «الحالة السورية المحور الأساسي في عملية الحرب والسلام».
وجهت واشنطن رسالة مباشرة إلى الرئيس بشار الأسد مفادها التالي: ربحتم الحرب العسكرية، ربما؟ لكن ما مصير حرب السلام؟
في بعض الحالات يكون التوصل إلى السلام أكثر تعقيداً من الحرب، ومن هنا تبرز المفارقة التالية:
– إن الحرب في سورية اندلعت شرارتها في وضع، وتواصلت الحرب على مدى سبع سنوات ويزيد في وضع مختلف عن تلك البداية… حتى تصل إلى نتيجة مختلفة كلياً عما بدأته الحرب السورية وعما تواصلت به وعليه، وصولاً إلى أكثر من… مفاجأة!
– بدأ المسلسل كالتالي: قيام تحالفات من بعض أصحاب المصالح، ثم فرط هذا التحالف وتحول الأصدقاء إلى أعداء.
لا يمكن إنهاء الكلام من دون الإشارة إلى ما يجرى في الخليج، وفي شكل أكثر تحديداً في قطر الساعية دائماً وأبداً الى أن تلعب أدواراً أكبر بكثير من مساحتها الجغرافية!