Site icon IMLebanon

روسيا تريد النجاح حيث فشلت إيران

روسيا تريد النجاح حيث فشلت إيران

تضافرت العوامل التي أمّنت لروسيا ظروفاً مثلى لانخراطها العسكري الى جانب النظام السوري متذرّعة بمكافحة الإرهاب، سواء كان هدفها الحقيقي الحؤول دون انهيار النظام أو الحفاظ على مصالحها وتكريس عودتها إلى احتلال موقع القطب المواجه للولايات المتحدة، كما كانت في عهد الثنائية القطبية قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرّد الولايات المتحدة بالزعامة.

وقد أتى هذا الانخراط، الذي نفّذ على ما يبدو أمس، أولى غاراته الجوية، من دون معارضة أميركية أو أوروبية أو حتى عربية لكونه يحقق في مكان ما لكل طرف بعضاً من مصالحه. فالتحالف الدولي الذي شكّلته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش« لم يحقق أياً من أهدافه، بما يثير تساؤلات عن جدية السعي إلى تحقيق الهدف، خصوصاً أن كثافة الضربات الجوية لم تصب قوافل الدواعش التي كانت تتنقل في صحراء مكشوفة. ويوحي امتناع الولايات المتحدة عن معارضة التدخل الروسي صراحة، وفق ديبلوماسي لبناني سابق بسقوط نظرية «استنزاف الأعداء»، من نظام الأسد إلى إيران إلى الإرهابيين التي طالما تلطّت خلفها لتبرّر تقاعسها عن دعم الثورة، خصوصاً في أشهر سلميتها الستة الأولى.

ومن القواسم المشتركة، ضرورة محاربة «داعش« وأخواته مع الحفاظ على هيكلية الدولة ومؤسساتها، وكذلك تخفيف النفوذ الإيراني. لكن الخلاف ما زال كاملاً ومتماسكاً بشأن مصير بشار الأسد: هل يكون انطلاق المرحلة الانتقالية مشروطاً برحيله أم إنه يغادر في نهايتها؟

ففي حين رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وجود الأسد وما تبقى من جيشه شرطاً رئيسياً للقضاء على «داعش« وما يشبهه، أعاد نظيره الأميركي باراك أوباما التأكيد على استحالة العودة الى الوضع السابق بعد كل المجازر والمذابح التي حمل مسؤوليتها لـ«الطاغية» «قاتل الأطفال». ومن على منصة القاعة العامة للجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي تألّق خلفها بوتين بعد غياب نحو عشر سنوات، شدّد الرئيس الأميركي على أن الواقعية التي حتّمت التفاوض وتوحيد الصفوف لمحاربة «داعش« تحتّم «بدء عملية انتقالية واضحة يغادر الأسد بموجبها الحكم ويسلم السلطة الى رئيس جديد وإلى حكومة شاملة». كما لفت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى «أن الحل لعملية انتقالية يجب أن يلحظ رحيل الأسد».. 

ويبدو الأسد بوضوح خارج أي حل نهائي للأزمة السورية حتى بالنسبة إلى حليفيه الرئيسيين روسيا وإيران، إذ سجّلت منصة سبعين الأمم المتحدة استمرار الانقسام على مشاركته في المرحلة الانتقالية حصراً، وذلك في أعقاب المرونة الغربية التي ظهرت بشأن هذه المشاركة قبل موعد الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

فما إن ظهرت ملامح تراجع أميركي، خلافاً للمواقف السابقة المتمسكة بتنحي الأسد، حتى توالى تراجع المواقف الأوروبية. فبعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن توقيت رحيل الأسد «يتقرر من خلال التفاوض« بما يوحي القبول بمشاركته في الهيئة الانتقالية، تهافت مسؤولون أوروبيون كبار، من ألمانيا وبريطانيا مثلاً، لإبداء حسن نياتهم عن إمكان القبول بذلك.

ويذكر المصدر أنها ليست المرة الأولى التي تتلطّى فيها الولايات المتحدة خلف روسيا للهروب من استحقاقات لا تريد تحمل مسؤوليتها. فقد سبق أن وافقت واشنطن على حلّ لسلاح الأسد الكيماوي صيف العام 2013، وهو الحل الذي تكفلت موسكو بابتداعه، ويتساءل هل ما نشهده حالياً «نفس اللعبة على مستوى سياسي»؟

فبعد أن أجاز أمس مجلس الاتحاد الروسي لبوتين شن عمليات عسكرية في سوريا باعتبار ذلك قانونياً وأتى تلبية لـ«سلطة شرعية»، وهو ما أكدته الرئاسة السورية في بيان، يبقى السؤال هل تنجح روسيا حيث فشلت إيران أم ترى نفسها تكرر تجربتها السابقة في أفغانستان؟