لو تعرضت سوريا الى حرب شرسة تشنها عليها اسرائيل واستمرت لنحو عشرين عاماً، لما تمكنت من إحداث هذا القدر الهائل من الدمار والانشطار الذي أحدثته الحرب الحالية المستمرة، ودخلت في هذه الآونة سنتها السادسة. وكل ما يُقال عن أسباب ذلك صحيح، من تآمر دولي وتواطؤ عربي وسوق عالمية للمرتزقة وتوظيف استخباري للارهاب، وفوق كل ذلك وقبله وبعده تغلغل اسرائيلي مباشر في مفاصل هذه الأزمة المصيرية المرعبة، مستنداً الى تخطيط صهيوني بعيد المدى! وحتى مع التسليم بصحة هذه الاعتبارات كلها، فإن ذلك لا يعفي السوريين أنفسهم من الوصول الى هذا المصير الحالك والمرعب!
السوريون المعنيون هم: أولاً، وعلى رأسهم في تحمل المسؤولية، النظام السوري نفسه الذي اتخذ في بداية الأزمة قرارات خاطئة قادت في النتيجة الى السقوط في الفخ المنصوب لسوريا، وتولى الآخرون تسريع الانزلاق الى الحفرة وتعميق الهاوية. وثانياً، هم ما يسمى بقوى المعارضة المختلفة قاطبة والتي وجدت في مناخ الأزمة مصدراً للمنافع الشخصية أو الفئوية أو السياسية. ومن أكبر أخطائها الوطنية أن غالبية من تلك القوى المعارضة رهنت نفسها وقرارها لقوى اقليمية مؤثرة، وذلك لمجرد قبولها بالمساعدات المالية وغيرها لتخدم بذلك مصالح الأسياد أولاً وأخيراً، وليس المصلحة الوطنية والقومية للسوريا بموقعها المعاصر والتاريخي.
***
الحل السياسي المطروح راهناً للأزمة السورية بقرارات دولية لمجلس الأمن، وبرعاية مباشرة ثنائية بالتعاون والتنسيق بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، قد لا يكون في نتائجه هو الحل الأمثل… ولا ينتظر السوريون – النظام والمعارضات – أن يكون الروس أو غيرهم أحرص على سوريا من السوريين أنفسهم! ولأن الأطراف السورية كافة ارتكبت أخطاء جسيمة وفاحشة بحق سوريا وشعبها وبحق نفسها أيضاً، فمن واجبها أن تكفر عن بعض أخطائها بتقديم التنازلات لتسهيل قيام تفاهمات سورية – سورية تقلل من مخاطر وأضرار التواطؤ الخارجي ضد سوريا والشعب السوري! ولا بديل عن الحل السياسي للأزمة السورية سوى الذهاب الى جهنم تأكل بنارها النظام والمعارضات، وتزيل سوريا الموحدة عن الخريطة! –