يظهر بوضوح الهدوء السياسي الذي يخيّم على المختارة، حيث يتجنّب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، اتخاذ أي مواقف سياسية تصعيدية، لا سيما تجاه «حزب الله» وإيران، وحتى رئاسة الجمهورية و«التيار الوطني الحر». كما أنه يدعو بشدة، بحسب محيطين به، محازبيه وأنصاره إلى ضرورة التنسيق مع «حزب الله» واستمرار التواصل ميدانياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا ما تتم ملاحظته من خلال مشاركة الفريقين كل المناسبات الحزبية في الجبل والساحل، وذلك في الوقت الذي بات فيه جنبلاط، الشخصية الوحيدة التي ابتعدت عن السجالات التي تناولت تسوية ترحيل مقاتلي تنظيم «داعش» إلى دير الزور، وقد انسحب هذا الأمر على وزراء ونواب «اللقاء الديموقراطي» وقياديي الحزب التقدمي الإشتراكي.
ويضيف المحيطون بزعيم المختارة، بأن اجتماعه مع مساعد وزير الخارجية الإيراني كان لافتاً بعد انقطاع العلاقة بين المختارة وإيران في الفترة الأخيرة، وهو يندرج في سياق الهدوء الجنبلاطي الذي ينسحب على مواقفه من العهد، وإن كانت تغريداته تركّز أحياناً على رئيس الحكومة سعد الحريري وبعض المقربين منه، إذ أنه لا يترك مناسبة إلا و«يُنَقّر» على الحريرية. ويرى هؤلاء، أن جنبلاط قد تعمّد نشر صورته مع أحد الإعلاميين في العاصمة الفرنسية، وذلك بهدف توجيه رسالة مباشرة للرئيس الحريري وتيار «المستقبل»، مفادها أن هناك تخلٍّ عن الثوابت والمسلّمات الحريرية، وحتى تجاه المحكمة الدولية، وكأنه يتقصّد التصويب على المكان الذي «يزكزك» بالشعبوية الحريرية.
وفي سياق متصل، وجد المقرّبون أنفسهم، في الدعوات التي تطلق لعقد لقاء درزي موسّع كان دعا إليه الوزير طلال إرسلان لمناقشة الإجحاف اللاحق بالدروز، بأنه تندرج في سياق استنهاض الشارع الدرزي في ضوء الحديث عن الإستعداد للإنتخابات النيابية. مع العلم أن جنبلاط كان أثار مسألة استبعاد رئيس الأركان اللواء حاتم ملاّك عن زيارة وفد قيادة إلى قصر بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية، وذلك في ظل علامات استفهام كبيرة حول خلفيات هذا الإستبعاد. وأكد المقرّبون، أن دعوة إرسلان لن تلقى تجاوباً من قبل رئيس الحزب الإشتراكي، لأن مثل هذا الإجتماع سيضم كل القيادات الدرزية، ومن ضمنها تلك المعارضة لجنبلاط، وذلك لن ينعكس إيجاباً على المختارة، لا سيما وأن هذا الأمر قد يعطي إرسلان دوراً أساسياً في مسألة الحقوق والمطالب والوظائف والمواقع الدرزية.
في المقابل، اعتبرت مصادر نيابية في الجبل، أن رئيس «اللقاء الديمقراطي» وبعد عودته من روسيا، بدّل في خطابه السياسي حيث بات يتجنّب التعرّض للنظام السوري، بعدما تمنى عليه أصدقاءه الروس بأن يأخذ في الإعتبار المتغيّرات الحاصلة في المنطقة في الآونة الأخيرة، وذلك حفاظاً على العلاقة التاريخية التي تربط موسكو بالمختارة. ومن هذا المنطلق، فهو يتكيّف مع الأجواء الراهنة، ويترقّب مسار الأوضاع الإقليمية، حيث أنه يدرك تماماً بأن توافقاً أميركياً ـ روسياً قد حصل حول الملف السوري، ويقضي باستمرار النظام، ووضع خطة دولية لإنهاء الحرب السورية، وإطلاق عملية إعادة الإعمار في سوريا.