كرامي لـ “الديار”: يهمّه الأمن في لبنان والإستقرار في الجنوب
على خطى اسلافه من السفراء الروس، وكان آخرهم الكسندر زازسبكين في الانفتاح على كل الشرائح اللبنانية، فان السفير الحالي الكسندر روداكوف يسير على النهج نفسه، في ان يكون على مسافة واحدة من الجميع، ولو كان على خلاف سياسي او وجهة نظر مختلفة مع بعض الاطراف، سواء عن سياسة بلاده او تحالفات تقوم بها قوى سياسية وحزبية مع دول تناصب العداء لروسيا.
فمنذ تسلمه منصبه قبل حوالى عامين، فان الديبلوماسي الروسي زار كل المرجعيات السياسية والحزبية والروحية دون ان يستثني احدا، اذ يرغب في الاستماع الى كل الآراء والافكار والمواقف، لتكوين وجهة نظر وارسالها الى وزارة الخارجية مع ابداء رأيه، اذ يجب ان تحمل “الحقيبة الديبلوماسية” التي يرسلها السفراء في كل العالم الى دولهم ما يجري في البلد المعتمدين فيه، ومثل هذه المهمات تقع على سفراء لدول مؤثرة في العالم، اولها مصلحة سياسية او امنية واقتصادية واستراتيجية في هذه الدول، حيث يصنع سفراء قرارات الدول التي ينتدبون اليها، ولبنان من الدول التي تصنع قراراته السفارات، التي يظهر تدخل بعضها المباشر في شؤونه وهو موقف دولهم.
من هنا، فان السفير روداكوف وبعد عامين، بات على اطلاع واسع على الوضع اللبناني، لكنه ينشط دائما الى مزيد من المعلومات وتجميع الآراء، حيث جاء لقاؤه ب “تكتل التوافق الوطني” الذي يضم عددا من النواب السنة في منزل النائب فيصل كرامي، ليستمع منهم الى آرائهم ويطلع على افكارهم واقتراحاتهم حول مختلف الاوضاع، ولبنان يمر بأزمات دستورية لا سيما في الشغور الرئاسي الى الوضع الاقتصادي والمالي ، وما ينتظر اللبنانيون من شغور عسكري وامني ، اضافة الى الحرب في غزة التي يشنها العدو الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وارتباط هذه الحرب بما يجري على جبهة الجنوب من مواجهات عسكرية.
فهذه العناوين كانت محور النقاش في اللقاء، الذي جمع نواب التكتل عدنان طرابلسي وطه ناجي وحسن مراد ومحمد يحيى وكرامي مع السفير الروسي، الذي ظهر فلسطينيا مئة في المئة، “وحمساويا” اكثر من حماس بالنسبة للقضية الفلسطينية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ اكثر من سبعة عقود من مجازر وقتل وتدمير وتهجير، وهذا ما يحصل في غزة اليوم، وعبّر السفير الروسي عن ادانته لمثل هذه الاعمال التي لا يقرها قانون ولا تقبلها الانسانية.
فالموقف الروسي الى جانب الشعب الفلسطيني، وسعت موسكو الى وقف اطلاق النار، وتقدمت بمشروع الى مجلس الامن الدولي، فحصل في المرة الاولى امتناع عن التصويت، وفي المرة الثانية وضعت اميركا “فيتو” على اصدار قرار بوقف الاعمال الحربية، اذ اكد روداكوف لنواب “التوافق الوطني” ان روسيا لن تتوقف عن التحرك من اجل حصول وقف للابادة التي تحصل في غزة.
واظهر السفير الروسي في اللقاء عاطفته الشخصية والسياسية الى جانب الفلسطينيين، بالرغم من انزعاجه من استمرار حجز مواطنين روس في غزة، بعد اطلاق سراح اثنين بمبادرة ذاتية من حماس تجاه روسيا كدولة صديقة، والتي سبق لها ان استقبلت وفدا من الحركة قبل “طوفان الاقصى” وبعده، اذ لم ينقطع الاتصال بين موسكو وغزة.
وقد اظهرت روسيا في مواقفها اعتدالا وهي تقف الى جانب القضايا العربية، كما يقول كرامي لـ “الديار”، والذي يصف اللقاء بالسفير الروسي بالدوري لتبادل الآراء والافكار، وهو حريص دائما على مثل هذا اللقاء، لان التكتل يمثل داخل الطائفة السنية التي ليست حكرا على احد، وظهر حجم التكتل في الانتخابات النيابية مع افول “الحريرية السياسية”، وتعليق عملها في السياسة، وهو استمع الى رأي من ممثلين لشريحة واسعة من الطائفة السنية، حيث ابدى السفير روداكوف تقديره لمواقف “تكتل التوافق الوطني” وما يمثل.
روسيا صديقة للبنان وللعرب بقضاياهم، لا سيما القضية المركزية فلسطين، بالرغم من وجود يهود من اصل روسي في “اسرائيل”، ومنهم من هو في موقع المسؤولية، الا ان السفير الروسي ابلغ اعضاء التكتل وقوف بلاده الى جانب حماية المقاومة والدفاع عن لبنان، يضيف كرامي الذي اشار الى ان الوضع اللبناني استحوذ على تبادل الآراء، لا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية والاستحقاق القادم بشغور منصب قائد الجيش ، فكان رد روداكوف بان لا رأي له في مثل هذه المواضيع لانها شأن لبناني، كما ينقل كرامي عنه، مع تأكيده على الاستقرار والامن في لبنان، وهذه ثوابت السياسة الروسية في احترام سيادة الدول، وليس كما تفعل دول اخرى وتحديدا الغربية منها ، كأميركا وفرنسا اللتين تتدخلان في تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية، وهذا غير مرغوب من روسيا، التي لها موقف مبدئي من قضايا اساسية تحفظ وحدة لبنان وسيادته وامنه واستقراره، وتساعد على انهاء ازماته الداخلية.
ويعرف السفير الروسي معنى التدخل الخارجي في شؤون الدول، وهذا ما حصل مع روسيا التي حرضت اميركا للحرب عليها من خلال اوكرانيا، وهي تعمل لاستمرارها بمدها بالسلاح والمال والمرتزقة، وتدفع الدول لا سيما الاوروبية للمشاركة فيها، مما ترك اثرا سلبيا في اقتصادات الدول وامنها كما السلام العالمي، الذي تزعزعه واشنطن في كل مكان من العالم، وآخرها الحرب على غزة، وفق ما قال السفير روداكوف، الذي ينقل عنه كرامي أن على اللبنانيين واجب الحوار فيما بينهم والاتفاق على حل ازماتهم اذ لا تمارسه روسيا فيه، لان للشعوب حريتها وقرارها وسيادتها.