Site icon IMLebanon

السفير الروسي ألكسندر روداكوف: لا أحد يريد وقف إطلاق النار في غزّة وعلى حماس المصالحة والتنسيق مع السلطة الفلسطينية

 

اعتمد مجلس الأمن الدولي الاسبوع الفائت القرار الرقم 2712 الذي يدعو الى إقامة هدن وممرات انسانية عاجلة ممتدّة في جميع أنحاء قطاع غزّة والافراج الفوري وبدون شروط عن جميع الرهائن، تم اعتماد القرار في المجلس المكوّن من 15 عضوا بتأييد 12 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة المتّحدة عن التصويت.

امتنعت موسكو عن التصويت لصالح هذا القرار الذي قدّمته مالطا بصفتها رئيسة مجموعة المجلس للأطفال والصراعات المسلّحة، لأنه لم ينص على وقف فوري ودائم لإطلاق النار بل اكتفى بالدعوة الى هدن انسانية تعود بعدها اسرائيل الى القصف، فضلا عن إضافات أساسية أرادت موسكو تضمينها في المشروع المقدّم من مالطا لم يتمّ الأخذ بها إلا من قبل الصين والإمارات العربية المتحدة فيما امتنعت 9 دول عن القبول بإضافات روسيا. تصرّ روسيا في كلّ مرة يطرح فيها مشروع قرار حول التصعيد في غزّة منذ السابع من تشرين الاول\اكتوبر الفائت وقد بلغ عددها 5 محاولات على وقف فوري لاطلاق النار وفتح الممرات الانسانية وحماية المدنيين وتقديم المساعدات الاغاثية وإعادة المياه والكهرباء وادخال الوقود، إلا أنها تجابه دوما إما باستخدام الفيتو [حق النقض] من قبل الولايات المتحدة الأميركية أو بعدم الحصول على العدد الكافي من الاصوات.

 

يقول السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكو : «يصوّت مجلس الأمن الدولي دوما لصالح مشاريع تصبّ في مصلحة العالم الغربي، وهو يغطي تصعيد العملية العسكرية في غزّة مع ما يرافقها من قصف وحشي وقتل للمدنيين والاطفال»، ويردف روداكوف وهو يجلس في مكتبه في السفارة الروسية في بيروت المحصّنة تحصينا أمنيا حديديا:» لا احد يريد وقف اطلاق النار في غزّة».

قتل في عملية «طوفان الاقصى» التي قادتها حركة حماس في 7 تشرين الأول\اكتوبر الفائت قرابة العشرين روسيا مزدوجي الجنسية، وذلك بين جنود يخدمون في الجيش الاسرائيلي وبين مستوطنين يعيشون في مستوطنات غلاف غزّة الذي تمّت مهاجمتها، وثمةّ قرابة الـ15 أسيرا روسيا من الجنسية المزدوجة لدى حركة حماس وجلّهم انخرطوا في الخدمة الالزامية.

 

كانت روسيّا هي أول دولة تتقدّم بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطلب وقفا فوريا لاطلاق النار في غزّة في 13 تشرين الاول\اكتوبر الفائت وقد فشل القرار المدعوم من عدد من الدول العربية في الحصول على الأغلبية المطلوبة في مجلس الأمن الدولي [8 اعضاء] بعد أن صوّت لصالحه 5 اعضاء فحسب وعارضه 4 اعضاء منهم الولايات المتحدة الأميركية مع امتناع 6 عن التصويت».

ومن المفيد التذكير بأن من الدول الداعمة لمشروع القرار الروسي: البحرين، جيبوتي، مصر، الأردن، الكويت، لبنان، موريتانيا، عُمان، دولة قطر، المملكة العربية السعودية، السودان، دولة الإمارات العربية المتحدة، اليمن وتركيا.

 

مشروع القرار هذا كان يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار بشكل فوري ودائم، ويدين كل أعمال العنف والعدائيات الموجهة ضد المدنيين وجميع الأعمال الإرهابية، ويدعو إلى تأمين إطلاق سراح الأسرى وإلى توفير وتوزيع المساعدة الإنسانية بدون عوائق وخلق الظروف المواتية للإجلاء الآمن للمدنيين المحتاجين.

وإثر هذا المشروع تقدّمت  البرازيل وهي الرئيسة الدورية لمجلس الأمن الدولي بمشروع قرار عاجلته الولايات المتحدة الأميركية بفيتو وقد امتنعت روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.

مشروع القرار الذي قدمته البرازيل كان يحث جميع الأطراف على الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ويدعو إلى «هدن إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق».

رسائل من الدوما الى البرلمان اللبناني

الى جانب الحراك الدبلوماسي الروسي في مجلس الأمن الدولي، فإن روسيا تعمل عبر القنوات الدبلوماسية على الحثّ على عدم توسيع الصراع الى الاقليم. فقد أرسل البرلمان الروسي [الدوما] رسالة الى رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه برّي  تشير الى ضرورة حل القضية الفلسطينية بالطرق الدبلوماسية والسلمية إذ لا حلّ لها بالقوّة، وأنّه لا بدّ من وقف فوري لإطلاق النار، أو الضغط على الجانب الاسرائيلي لوقف اطلاق النار، وعبرت الرسالة عن قلق البرلمانيين الروس من مخاطر امتداد العمليات الحربية الى الدول المجاورة أي لبنان وسوريا والاردن. كذلك أرسل مجلس الشيوخ الروسي والمجلس الفيديرالي رسائل بالمعنى ذاته الى الرئيس نبيه بري.

اكتفت السلطات الروسية بمراسلة برّي كرئيس للبرلمان اللبناني، من دون أية رسائل مباشرة الى «حزب الله» الذي يقود عمليات عسكرية ضدّ اسرائيل منذ 8 تشرين الاول\اكتوبر الفائت على الجبهة الجنوبية للبنان. يقول السفير روداكوف: «إن موضوع المقاومة هو داخلي، ولا نتدخّل به. لقد تمّت لقاءات مع «حزب الله» في بداية هذه الحرب بعد 7 تشرين الاول\اكتوبر الفائت، ثمّ لم نلتق بعدها».

 

ويشير روداكوف الى تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاخيرة التي «روسيا اليوم» والتي قال فيها بأن «طهران وبيروت لا تريدان التورط في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولن تشاركا فيه إذا لم تكن هنالك استفزازات».

ويشير السفير الروسي الى ان «الاشتباكات في جنوب لبنان يحافظ فيها «حزب الله» على قواعد الاشتباك وهي ضمن الاراضي اللبنانية المحتلة».

حركة حماس هي «فكرة»

إن مستقبل الحرب في غزّة لا يزال غامضا، في هذا السياق، يقول السفير الروسي:» إذا كان هدف الغرب واسرائيل من هذه الحرب تدمير غزّة وإزالة حركة حماس فهذا هدف صعب المنال، لأن حركة حماس هي فكرة تمثل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال. وهي ليست لديها امكانات «جبهة النصرة» أو «داعش». تعتبر الولايات المتحدة حركة حماس منظمة ارهابية، لكن هذا الأمر غير موجود في سجلات الامم المتحدة  الرسمية حول المنظمات الارهابية والأمر سيان بالنسبة الى «حزب الله»، وقد بحث اعضاء في الأمم المتحدة عن هذا الأمر ولم يعثروا على أية تصنيفات أممية من هذا النوع، ما يعني بأن هذا التصنيف يصلح فقط للقوانين المحلية الاميركية وليس عالميا». ويلفت روداكوف الى أن «حزب الله على سبيل المثال قاد حربا ضد الارهاب على الاراضي السورية».

يقول بعض السفراء الغربيين حين تتم مواجهتهم بهذه الحقائق بأن حزب الله لا يكون ارهابيا الا حين يواجه اسرائيل، «من هنا ضرورة «إعادة تصنيف معنى الارهاب. فالارهابي هو من يقتل المدنيين لزرع الخوف والكراهية» يقول روداكوف.

وعن وضع القرار 1701 يقول روداكوف بأن «القرار موجود وكما العديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة يتعرض احيانا لعدم التطبيق».

بالعودة الى مستقبل قطاع غزّة يعتبر روداكوف [أن البلدان كلها رفضت فكرة الترانسفير، أي  تهجير الفلسطينيين الى بلدان مجاورة. ونحن كروس سوف نرى ما هي الخطوات المقبلة من السلطات الاسرائيلية ومتى ستنتهي العملية وبدء ترتيب الوضع ومن سيتولى مسؤولية القطاع السياسية، أما الحديث عن إزالة حماس فأمر مستحيل لأن حماس هي فكرة وليست مقاتلين بثياب مرقطة».

ويشير روداكوف:» على حركة حماس أن تقبل برنامج وميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، يجب أن تنضوي حركة حماس مع السلطة الفلسطينية في مشروع الدولة وأن تحصل مصالحة مع السلطة، هذه الفكرة الرئيسية لروسيا، ليست لنا أية علاقة خاصة مع حماس ولكننا مع حل الدولتين فقط، فلا يمكن دولة واحدة لشعبين».

لا تجوز المقارنة البتة بين حربي أوكرانيا التي لا تزال روسيا تطلق عليها لغاية اليوم تسمية «العمليات العسكرية» وبين حرب غزّة علما بأن روسيا باتت تسيطر على 20 في المئة من ألاراضي الاوكرانية وهي بالأصل روسية كما يقول روداكوف «في أوكرانيا افكار نازية وإزالة لكل شيء روسي على الارض، في اوكرانيا شبه حرب اهلية نظرا الى أن السكان هم  من السلاف، السلطة الاوكرانية تقود حربا على الثقافة الروسية وعلى المتاحف والآثار والكنائس، وتمنع اللغة الروسية وتطلب الغاءها على المستوى الرسمي، وبعض من ينطقون بالروسية ذهبوا الى السجن. روسيا ممنوع عليها المشاركة في أية مباريات دولية، بينما يمكن لإسرائيل ذلك بالرغم مما تفعله في غزة بحجة حق الدفاع عن النفس بينما هذا الحق ممنوع على الروس». ويختم روداكوف:» لا يمكن لدولة تحتل اراضي دولة اخرى ان تتمتع بحق الدفاع عن النفس، ولا يحق لاسرائيل التدمير والقتل في الشعب الفلسطيني وخصوصا وأن الشعب الاسرائيلي عانى كثيرا من الاعمال ذاتها في تاريخه».

بالتعاون مع «مصدر دبلوماسي»