IMLebanon

قراران روسي وايراني  يغيران حسابات ورهانات

المنطقة تغلي بالتحولات النوعية، وسط متغيرات روسية وثوابت ايرانية وأنصاف سياسات أميركية. لكن اللعبة مفتوحة في مسار ليس قصيراً. ولا مفر أمام عواصم المنطقة والعالم من تغيير الحسابات ومراجعة الرهانات التي سبقت قرارين كبيرين في اللعبة الاستراتيجية: قرار الرئيس فلاديمير بوتين الدخول العسكري المباشر في حرب سوريا، بحيث فعل لاستعادة الدور الدولي الذي كان للاتحاد السوفياتي ما لم يفعله قادة الاتحاد السوفياتي الا في دول المعسكر الاشتراكي. وقرار المرشد الأعلى علي خامنئي منع التفاوض مع أميركا على أي موضوع ثنائي أو اقليمي بعد الاتفاق النووي.

قرار بوتين أحدث تبدلاً في مجريات الحرب وترك للحلفاء والخصوم ومن يسميهم الشركاء التكهن بالصور التي سينتهي اليها المشهد في سوريا. ومن السذاجة التصور أن ما تقوم به روسيا هو دور القوة الجوية لما يسمى الهلال الشيعي، وإن جرى التركيز لأهداف تاكتيكية على صورة ما سمي التحالف الرباعي الذي يضم موسكو وطهران ودمشق وبغداد.

وقرار خامنئي أربك عواصم كثيرة في طليعتها بيروت، راهنت على تفاهمات أميركية – ايرانية تفتح الباب لتسوية أزمات عالقة مثل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، ورسمت سيناريوهات متناقضة، بعضها لذهاب طهران الى الاعتدال وضبط حلفائها، وبعضها الآخر للمزيد من التشدد وتكبير أدوار الحلفاء مثل حزب الله. وهو أمسك على يد الرئيس حسن روحاني الذي راهن على أن يؤمن الاتفاق النووي أجواء جديدة تساهم في تسريع تسويات لقضايا اقليمية، ورأى في المعادلة القائلة إما الاستسلام أمام العالم وإما إلحاق الهزيمة به فكرة غير منطقية لأن هناك طريقاً ثالثاً هو التعاون البنّاء مع العالم. فضلاً عن ان القرار أراح نظرياً، لا عملياً، دولاً عربية واسلامية من حلفاء أميركا كانت قلقة وخائفة من أن تبيعها واشنطن لحساب تحالف مع ايران.

لكن بوتين لا يزال يحاذر، في هذا الوقت المبكر على الحملة الروسية، التصرف كرابح، مع ان ربحه الاستراتيجي واضح. وأوباما يوحي انه ليس مضطراً للتصرّف كخاسر. والظاهر، على الرغم من الخلافات بين أميركا وايران على السياسات الاقليمية، ان ما يجمع بين أوباما وخامنئي هو الاكتفاء بالاتفاق النووي، سواء بالاضطرار أو بالخيار. أوباما أراد الاتفاق كإنجاز في سجله الرئاسي. وخامنئي أراده لرفع العقوبات الضاغطة على متطلبات البلد وحياة الشعب.

والبعض يتحدث عن ترابط بين قراري الرئيس الروسي والمرشد الأعلى وسط قرار الانكفاء الأميركي. لكن الأدوار والمصالح في الألعاب الاستراتيجية ليست متطابقة في النهاية.