نفت موسكو أمس، ما نشرته «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أول من أمس عن إرسالها طائرات حربية إلى سوريا مقدمة لإرسال «آلاف المقاتلين» للمشاركة في محاربة «داعش» والعمل مع إيران «لإنقاذ» بشار الأسد.
النفي الروسي جاء مختصراً، فيما الكلام الإسرائيلي كان مفصلاً ومرتاحاً في الشرح ومستنداً إلى «مصادر ديبلوماسية غربية» أكدت أن «قطاراً جوياً روسياً» وصل بالفعل إلى سوريا وعلى متنه تلك الطائرات على أن يلحق بها «آلاف المقاتلين الروس» قريباً.
وهذه قصة كبيرة! رغم أن الاستدراك واجب، وهذا يستدرج بدوره بعض التحفظ عن أخذ الرواية الإسرائيلية كما هي، خصوصاً لجهة خلطها الخطير بين نقيضين: محاربة «داعش» و»إنقاذ الأسد».
الشق الأول يعني أن موسكو تنخرط في الحرب العالمية المعلنة ضد الإرهاب. وهذا أمر قد يُبلع رغم الأجندات السياسية المختلفة للمشاركين في تلك الحرب. لكن في الشق الثاني، هناك شيء يعني أن احتمال تحوّل السماء السورية إلى فضاء لحرب جوية بين الطيران الروسي من جهة والطيران الأميركي والتركي والغربي المشارك في المعركة ضد «داعش» من جهة ثانية أمر وارد! مثلما يعني أن الأرض السورية قد تصير بدورها مسرحاً لحرب كبيرة تنخرط فيها «جيوش» بينها الجيش الروسي؟!
إلاّ إذا كانت الرواية المذكورة تنقل عن «المصادر الديبلوماسية الغربية» بشكل غير مباشر، أن إدارة مستر أوباما «طوّرت» موقفها السوري من الاكتفاء بضرب الإرهاب الداعشي إلى التسليم بالموقف الروسي الإيراني المتمسك ببقاء الأسد والتطنيش عن الانخراط العسكري المباشر في حرب إنقاذه؟!
والواقع أن أي شيء يمكن أن يُصدّق عن إدارة مستر أوباما في ضوء توجهاتها ومواقفها السياسية و»الفكرية»، إزاء المنطقة العربية في مجملها والتحديات الكبيرة التي تواجهها، كما في موقفها الإيراني الاستعادي، وفي سياسة الانكفاء السلبي التي اعتمدتها إزاء النكبة السورية، ولا تزال.. لكن قصّة تحرك الجيش الروسي خارج حدود بلاده، أمر يبقى، في حدود المعروف، شأناً استراتيجياً كبيراً ويتخطى «المسألة» السورية، خصوصاً أن روائح أدبيات الحرب الباردة تتصاعد مجدداً من أوكرانيا (مثلاً) ومن إبداء «حلف الأطلسي» شيئاً من اليقظة العسكرية القريبة خطوة واحدة من حالة الاستنفار!
… صعب المرور بخفة على تقرير «يديعوت أحرونوت» الخطير رغم النفي الروسي الجزئي له! وصعب في المقابل افتراض صحّة أو دقّة تلك التحولات الاستراتيجية التي تكاد تجعل من سوريا منطلقاً لحرب عالمية! لكن بين الأمرين هناك شيء يمر خلف سطور المواقف المعلنة ويتمحور حول فكرة التخلّص من الأسد والإبقاء على النظام وتحت ستار محاربة الإرهاب الداعشي!
.. وهذا أمر قد يكون عرضة للتجربة، طالما انها ستكون بدماء السوريين، وطالما ان تلك النكبة برمّتها لا تعني شيئاً لساكن «البيت الأبيض».