Site icon IMLebanon

حسابات الحماسة الروسية  لاستعجال التسوية السورية

موسكو تستعجل معاودة البحث في الحل السياسي من قبل أن تكتمل العملية العسكرية التي قال الرئيس فلاديمير بوتين إن تطوراتها الايجابية تقود الى الحل السياسي. وليس اجتماع فيينا الرباعي بين وزراء الخارجية الروسي والأميركي والتركي والسعودي، بعد محادثات الكرملين بين بوتين والرئيس بشار الأسد، سوى بداية محاولات جديدة في مسار قديم فاشل يعطى حالياً فرصة لإمكان النجاح على ايقاع القصف الجوي الروسي. فلا فشل الاتفاق في فيينا على دور الأسد يحول دون متابعة الاجتماعات وتوسيع لائحة المشاركين فيها وتكثيف الاجتماعات الثنائية. ولا كل ما يراهن عليه بوتين هو ما سمعه من الأسد عن النظر باستحسان الى ما عرضه عليه في سؤال نظري افتراضي حول رأيه لو وجد معارضة مسلحة مستعدة لمحاربة داعش، مع ان المعارضة التي تقاتل داعش موجودة وتواجه حرب النظام ودولة الخلافة وروسيا.

ذلك ان موسكو لعبت دوراً مهماً في تفشيل جنيف-٢ لسببين: إصرار دمشق على حصر النقاش في محاربة الارهاب قبل البحث في تسوية سياسية. واصرار المعارضة على تنحي الأسد كشرط مسبق للاتفاق على تسوية سياسية تضمن نجاح الحرب على الارهاب. وكلما تمسك المعارضون وداعموهم بالتفسير الأميركي لبيان جنيف-١ الذي ينص على قيام هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، رد الوزير سيرغي لافروف بأن أصحاب هذا التفسير لم يكملوا قراءة الجملة الى آخرها، حيث النص على ان كل شيء ب القبول المتبادل.

لكن روسيا هي اليوم أكثر المتحمسين لتحقيق تسوية سياسية، وسط قول بوتين: إن هدف واشنطن إزالة الأسد، وهدفنا دعم الأسد في دحر الارهاب، وهذا هو المخرج السليم من الأزمة السورية. ومن السهل على المختلفين مع المنطق الروسي تصوير انفتاح موسكو على الجميع واستعجال الحل السياسي بأنه تاكتيك لحماية التدخل العسكري المباشر وضمان الشرعية له وتشتيت جهود المعترضين عليه وخلق أجواء حوارية تمنعهم من اعطاء المعارضة أسلحة مضادة للطيران. لكن من الصعب تجاهل الدافع الاستراتيجي وراء الحرص على تسريع التسوية. فالعملية العسكرية مهددة بمخاطر اذا طال أمدها وتحولت جزءاً من حرب استنزاف. والنجاح في ترتيب العملية السياسية هو الذي يحقق للرئيس الروسي مطلبه بأن يعامله الغرب كشريك حقيقي وان تصبح سوريا نموذجاً للشراكة من اجل المصالح المشتركة وتشكيل منظومة فعالة لادارة الأزمات.

والمسألة هي أن العملية العسكرية، بما فعلته حتى الآن، لم تضع بوتين في موقع القادر على فرض التسوية التي يريد. وهو بالطبع ليس راغباً في تقديم التسوية التي يريدها الغرب.