على الرغم من كل التحذيرات الداخلية والخارجية، من مغبة استمرار حال التعطيل والفراغ الحكومي وانعكاساته المتدحرجة على كل المستويات، وفي مقدّمها على مستوى انهيار الليرة الذي بات يقاس بالأيام وبالساعات، فإن معلومات مستقاة من مواكبين للحراك الحكومي، تؤكد أن الفراغ مستمر، وكذلك، التجاذبات التي أصبحت من دون سقف سياسي، وتُستخدم فيها كل الوسائل من أجل تحقيق النقاط على المستوى الضيق وفق معادلة الربح والخسارة، ولكن من دون أن يعني ذلك الإلتفات إلى المنعطف الخطر الذي يقف عليه اللبنانيون الذين يستعيدون محطات الإحتجاجات والغضب وقطع الطرقات، ولكن مع وقف التنفيذ، وذلك بانتظار «نَعي» كل المبادرات والوساطات التي يجري الحديث عنها، ولكن من دون أن يكون لذلك أي مصداقية فعلية، خصوصاً في ضوء التناقض في المقاربات ما بين القوى السياسية الأساسية المؤثّرة في ولادة الحكومة العتيدة.
ووفق هذه المعلومات، فإن غياب أي معطيات حول اتصالات جدية، يعني على أرض الواقع، تسارع وتيرة الإنفجار الإجتماعي، بعدما واصل الدولار الأميركي ارتفاعه بالأمس وسجّلت الأسعار زيادة بنسبة 30% على أقلّ تقدير للسلع الإستهلاكية في الأسواق اللبنانية. وتشير المعلومات الى أن الأنظار تتركّز على ساحة النجمة، حيث من المتوقّع أن يخرج الدخان الذي سيدلّ على طبيعة وشكل ومضمون الحركة السياسية الداخلية، والتي تقف على مسافة واحدة ما بين الفشل من جهة، وإحراز تقدّم من جهة أخرى، مع العلم أن ما من تغيير نوعي على مستوى الخطاب المعتمد لدى فريقي النزاع الحكومي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري.
وفي السياق نفسه، أشارت المعلومات نفسها، إلى أن الشائعات التي أُطلقت في الآونة الأخيرة حول التسويات الحكومية، ولا سيما بالنسبة لطرح ال20 وزيراً، والذي تنسبه المعلومات إلى أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا تتماهى مع المسعى الفعلي الذي قام به في السابق وعاد إليه اليوم رئيس المجلس، حيث أنه يركّز على التوافق السياسي على أي تصوّر حكومي، بعيداً عن الأعداد أو الثلث المعطّل، وبالتالي، طبيعة الحكومة التي يسعى الرئيس المكلّف إلى تشكيلها.
ومن هنا، تجزم المعلومات نفسها، أن التطورات الميدانية قد تسبق كل المساعي السياسية، وذلك، في حال بقي سعر الدولار على تفلّته ومن دون سقف، وعاد الملف الحكومي إلى وضعية الإنتظار والترقّب من جديد، في ظل المباحثات الجارية في العاصمة الروسية التي يقوم بها وفد من حزب الله مع القيادات الروسية، والتي تتناول في بعض جوانبها الواقع اللبناني وملف تشكيل الحكومة، خصوصاً في ضوء إشارة رئيس الوفد النائب محمد رعد، إلى أن لموسكو دوراً طبيعياً في مواكبة المساعي القائمة من أجل تأليف الحكومة، وذلك من خلال الضغط لتسريع الحلول المطلوبة، مع ما يحمله هذا الموقف من تعويل حقيقي على الدور الروسي، والذي يتلاقى في بعض جوانبه مع ما يسعى إليه الرئيس الحريري من أجل تحقيق هذا الهدف عبر تواصله مع موسكو، والذي أكدته وزارة الخارجية الروسية في بيانها الأخير بعد لقاء الرئيس المكلّف مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أبو ظبي الأسبوع الماضي.