صحافي وكاتب سعودي وكبير المحررين – السعودية والخليج في جريدة «الشرق الأوسط».
مع تدفق السلاح والضباط والمعدات العسكرية المتطورة من روسيا لبشار الأسد، يقر جنرال أميركي بإخفاق أميركا في سوريا.
في جلسة بمجلس الشيوخ الأميركي أقر الجنرال لويد أوستن، أعلى قائد عسكري أميركي في الشرق الأوسط، بإخفاق خطة الإدارة الأميركية بتدريب مجموعة سورية متخصصة فقط، حصرًا وحكرًا، بمحاربة «داعش»، ولا غير «داعش»، في سوريا.
الجنرال أوستن ذكر حقائق تثير السخرية والعجب، حيث قال في حديثه أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي إن أول 54 ممن أنهوا برنامج التدريب هاجمهم مسلحو تنظيم القاعدة فور دخولهم سوريا في يوليو (تموز)، ولم يبق إلا نحو أربعة أو خمسة رجال! حتى حينه. وهناك من غاب الخبر عنه في الفوضى السورية.
هذا عنوان صارخ لضياع الرؤية الأميركية في أخطر أزمة أمنية في العالم، وهي الأزمة السورية، وسبب ضياع الرؤية هو «تحديدًا» عناد الرئيس الأميركي، أو لنقل إدارته، على صحة المقاربة التي يتناولون بها الأزمة السورية ومنطقة الشرق الأوسط كلها.
لدى أوباما ثقة غير مبررة ولا منطقية بصحة سياساته بالمنطقة، رغم كل النتائج الكارثية التي تمخضت عنها هذه السياسات منذ فترة ولايته الثانية، ليس آخرها أزمة اللاجئين السوريين التي هزت الغرب كله، وهددت دعائمه القانونية وحركة التنقل بين دوله، وتأشيرة «الشينغن نفسها» إحدى مفاخر اتحاد أوروبا. هناك حالة ضياع وتخبط تمر بها أميركا في عهد أوباما، ساقت الضرر لأميركا نفسها وحلفائها بكل مكان.
على الجانب الآخر، نجد أن روسيا بوتين، تتقدم بقوة بل بتهور، مستغلة هذا الضياع الأميركي – الغربي و«تحتل» سوريا، وهي تقول بوضوح: نحن هنا لمحاربة «داعش»، فقط، وإنقاذ الدولة السورية – انتبه ليس نظام بشار الأسد، بل الدولة السورية – كما يشرح لك بعبوس الوزير لافروف!
أليس هذا هو نفس هدف أوباما وبعض قادة الغرب؟! حصر العمل العسكري في سوريا بمحاربة «داعش»؟!
دعك من الكلام الرذاذي عن أنه لا مكان للأسد بمستقبل سوريا، فعلى الأرض لا تفعل واشنطن أوباما شيئًا لترجمة هذا الكلام.
خطورة هذا الاقتحام الروسي السافر لسوريا هو الإسهام في تأجيج الصراع الديني في سوريا، وتحويل الأمر لمواجهة شاملة بين الغزاة «الصليبيين» الذين يدعمون المسيحيين و«الباطنية» ببلاد الشام، في استعادة مدمرة لعصر الحروب الصليبية في بلاد الشام، الذي يفترض أننا عبرناه. ساعتها يصبح الأمر أكبر من قصة «داعش» التي يريد أوباما ومثله بوتين، مع اختلاف الدوافع، حصر الكتاب السوري في صفحتها.
هل يمكن أن يستيقظ العقل الأميركي من سباته القاتل؟