لم يكن ينقص لبنان مزيدا من الاضرار بفعل الازمة السوريةـ، حتى قررت البحرية الروسية ان تحارب “داعش” من مقر بحريتها في البحر المتوسط، فطلبت من مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت تحويل مسار الرحلات الجوية المتجهة الى مطارات في الغرب لانها تريد اجراء مناورات في بقعة حددتها، وصدف انها تقع تحت الممر الجوي الذي تسلكه الطائرات العابرة من لبنان في اتجاه الغرب. وبدل أن تبلغ وزارة الخارجية بهذا الطلب أرسلت قيادة البحرية الروسية في المتوسط برقية الى دائرة الملاحة الجوية في مطار بيروت الدولي (دائرة الرادار) تطلب فيه تحويل الرحلات الجوية تلك.
علمت “النهار” ان البرقية الروسية وصلت الى دائرة الرادار في الملاحة الجوية الساعة الثانية بعد ظهر أـمس، وتبلغها وزير الاشغال العامة غازي زعيتر فأبلغها بدوره الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام. وحاول جاهدا مع كبار موظفي الطيران المدني إفهام البحرية الروسية ان الممر الجوي للرحلات المتجهة من بيروت يؤثر سلبا على حركة الطيران، وأن ضررا كبيرا يلحق بالشركات، وأن الممر الآخر الذي يمكن أن تسلكه الطائرات سيكون محاذيا لفلسطين، وقد يزعجها سلاح الجو الاسرائيلي بطلعات ومضايقات.
أطلع زعيتر الرئيسين بري وسلام ووزير الخارجية والمغتريبن جبران باسيل على الطلب الروسي المنافي للأصول المتبعة في التعامل مع الدول وفقا لاتفاق فيينا.
خاض زعيتر بصمت مفاوضات شاقة مع الجانب الروسي وأكد انه لا يمكن لبنان ان يتجاوب مع هذا الطلب الذي يلحق الضرر الكبير بالطيران. وتبين ايضا ان روسيا لم تبلغ المنظمة الدولية للطيران بالامر.
ولولا تغريدة النائب وليد جنبلاط على حسابه على التويتر حول الطلب الروسي، لبقيت ربما المفاوضات بين الجانبين اللبناني والروسي بعيدة عن وسائل الاعلام.
وسألت مصادر وزارية كيف تسمح روسيا للبحرية التابعة لها بأن تطلب من لبنان ما تطلبه من دون أن تسأل عن مدى تقبله ذلك، وقد أتى هذا الطلب بمثابة فرض، فهل كان الهدف عسكريا، أي ان صواريخ بعيدة المدى ستقصف من الموقع الذي تمركزت فيه البحرية الروسية؟ وطالبت بتوضيح ديبلوماسي رسمي، خصوصا ان الوزير باسيل عاد الى بيروت فجر الجمعة من زيارة رسمية لموسكو ولم يسمع أي شيء من هذا القبيل، كما ان قصر بسترس لم يتلق أي طلب في هذا الصدد.
وامتنعت عن الكشف عما ستؤول اليه الامور وعما اذا كانت البحرية الروسية ستصر على طلبها لا سيما ان الفترة الزمنية لتحويل الرحلات ثلاثة أيام تبدأ اليوم في 21 وتستمر في 22 و23 من الشهر الجاري.
وقد أحدث هذا الطلب صدمة لدى المسافرين اللبنانيين وارباكا لا مثيل له. كما ان اللبنانيين في الخارج يسألون بدورهم ما اذا كانوا قادرين على المجيء الى بيروت لتمضية عطلة الاعياد مع ذويهم، بعدما قطعوا تذاكر السفر.
وامتنعت المصادر عن التكهن بما اذا كان التصرف الروسي العسكري سيؤدي الى توتر في العلاقات بين البلدين، ام أن البحرية الروسية ستراجع مناورتها حيث ستتأثر الرحلات الجوية المتجهة الى الغرب؟ وقد شكل زعيتر خلية أزمة لمتابعة الطلب وتنوير شركات الطيران التي بدأ بعضها يتخذ اجرءات احترازية.
وانتقدت قيادات سياسية الاسلوب العسكري الروسي في مواجهة “داعش”، سائلة أليس من الاجدى لروسيا وبقية الدول التي تحارب “داعش” ان ترسل القوات الى أرض الميدان لمقاتلته واقتلاعه؟