“قدمت القيادة الروسية الى الادارة الاميركية تعهدات تفيد ان الرئيس بشار الأسد ينوي هذه المرة التصرف جدياً وانه مستعد لارسال وفد الى مؤتمر السلام للتفاوض مع وفد المعارضة السورية من اجل بدء مرحلة انتقالية في سوريا تنفيذاً لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي ينص على ان الحل السياسي للأزمة يتطلب انتقال السلطة الى نظام جديد تعددي. وأوضحت القيادة الروسية للأميركيين ان الأسد لن يكرر التجربة السابقة عندما رفض وفد النظام في المفاوضات مع وفد المعارضة في جنيف مطلع 2014 مبدأ المرحلة الانتقالية ومناقشة تشكيل هيئة الحكم الانتقالي في وقت واحد مع درس سبل محاربة الارهاب”.
هذا ما أبلغنا اياه مسؤول غربي في باريس معني بالملف السوري وقال: “إن هذه التعهدات الروسية قدمت مع بدء اعمال “المجموعة الدولية لدعم سوريا” في فيينا والتي شاركت فيها اكثر من 20 دولة بينها روسيا وايران، وتركز البيان الرسمي الصادر عنها على العمل معاً من اجل اطلاق عملية سياسية مرجعيتها بيان جنيف وترمي الى تحقيق خمسة اهداف اساسية تتناقض جذرياً مع مطالب الأسد وتوجهاته، وهذه الأهداف هي الآتية:
اولاً: التفاهم بين خصوم الأسد وحلفائه في فيينا على مناقشة تركيبة النظام الجديد في مرحلة ما بعد الأسد من دون حسم مصير الرئيس السوري الآن. فقد وافق الايرانيون للمرة الاولى، استجابة لنصيحة الروس، على دعم عملية انتقال السلطة في سوريا في رعاية الأمم المتحدة، اذ ان بيان فيينا اكد بوضوح “ان الدول المشاركة في الاجتماعات التزمت ضمان تحقيق عملية انتقال سياسي في سوريا تستند الى بيان جنيف بكامله”.
ثانياً: رفض خصوم الأسد وحلفاؤه في فيينا موقفه الداعي الى القضاء على الارهابيين أي على جميع المعارضين قبل العمل على انجاز الحل السياسي، اذ انهم اتفقوا على ضرورة مواصلة الحرب ضد “داعش” والارهابيين في وقت واحد مع تنفيذ عملية سياسية تنطلق مع بدء مفاوضات في رعاية الأمم المتحدة بين ممثلين للنظام وللمعارضة تهدف الى انجاز المرحلة الانتقالية استناداً الى بيان جنيف.
ثالثاً: رفض خصوم الأسد وحلفاؤه موقفه المتمسك بمواصلة القتال ضد المعارضة حتى القضاء عليها اذ انهم طالبوا في بيان فيينا بوقف النار في وقت واحد مع انطلاق المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة، وليسبق ذلك اتخاذ اجراءات بناء ثقة تشمل وقف قصف المدنيين والسماح بمرور المساعدات الانسانية مع مواصلة القتال ضد “داعش” والارهابيين.
رابعاً: حدد خصوم الأسد وحلفاؤه في بيان فيينا جدولاً زمنياً وخطوات واضحة من أجل تحقيق الانتقال الى نظام جديد، اذ انهم طالبوا ببدء المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة مطلع 2016 وفي رعاية الأمم المتحدة وانطلاق المرحلة الانتقالية بعد ستة أشهر من هذا التاريخ. وتشمل المرحلة الانتقالية تشكيل حكم جديد “ذي صدقية وشامل وغير طائفي” يضم ممثلين للنظام والمعارضة على اساس بيان جنيف، مما يعني انه سيملك ويمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة. ويعمل هذا الحكم على صوغ دستور جديد واجراء انتخابات حرة ونزيهة استناداً الى الدستور الجديد خلال فترة 18 شهراً من بدء العملية السياسية. وتدير الأمم المتحدة هذه الانتخابات “وفقاً لاعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة” ويشارك فيها جميع السوريين بمن فيهم السوريون في الخارج وفي الشتات، ويعارض الأسد تحديد جدول زمني للعملية السياسية ويرفض أن تدير الأمم المتحدة الانتخابات وان يشارك فيها السوريون في الخارج.
خامساً: اتفق خصوم النظام وحلفاؤه في فيينا، وضد رغبة الأسد، على ارسال مراقبين دوليين الى سوريا من أجل ضمان تطبيق وقف النار في كل المناطق غير الخاضعة لسيطرة “داعش” وتعهدوا اصدار قرار جديد عن مجلس الأمن يمنح تفويضاً دولياً شرعياً لبعثة المراقبين الدوليين ويدعم عملية انتقال السلطة على اساس بيان جنيف.
السؤال: هل تحترم القيادة الروسية تعهداتها وتضغط على الأسد من أجل تنفيذ تفاهمات فيينا، خصوصاً ان الرئيس فلاديمير بوتين صرح بأن مصير الأسد “مسألة ثانوية”؟ وزير الخارجية الاميركي جون كيري أجاب عن هذا السؤال، قال: “إذا رفض الأسد التفاوض جدياً مع المعارضة من أجل تنفيذ عملية انتقال السلطة، فإن الحرب ستتواصل. لقد أكدنا للروس بوضوح ان الحرب لن تتوقف ما دام الأسد في السلطة، ولن يدعم أي من حلفائنا عملية التفاوض إذا لم تضمن رحيله”. أما الرئيس باراك أوباما فقال: “الحرب في سوريا لن تتوقف ما دام الأسد في السلطة. وعلى روسيا وايران أن تقررا إن كان عليهما مواصلة دعم الأسد أم الحفاظ على الدولة السورية”.