تبدو روسيا من خلال ما تمارسه من جرائم بشعة في سوريا، في ارقى درجات الغباء، كونها تراهن على فرس خاسر اسمه بشار الاسد الذي يستحيل عليه ان يبقى في السلطة، مهما قتل وشرد ودمر في طول سوريا وعرضها، لانه في النتيجة لن يكون قادرا على البقاء في السلطة مهما انتهت اليه الحرب في بلد ليس في وسعه ان يتحمل المزيد من الجرائم، وهذا من ضمن ما يجمع عليه المراقبون العرب والاجانب على رغم ما حصل ويحصل الى الان؟!
في النتيجة لن يكون بوسع روسيا الادعاء والزعم انها في موقف سليم جراء ارتكاباتها المجرمة والجانية في آن، لان النتيجة التي ستنتهي اليها الحرب ستكرس زعيما لم يترك عملا سيئا الا ومارسه بحق شعبه، من غير حاجة الى القول ان بشار الاسد موجود في السلطة بطريقة ديموقراطية – دستورية توصل اليها من خلال انتخابات سليمة لا يرقى شك اليها، بقدر ماهي كرست نظاما قاتلا ومجرما عرف طويلا كيف يتحكم بالقرار الشعبي عبر ممارسات بوليسية عرف كيف يوظفها لما فيه مصلحته الشخصية والعائلية والمذهبية في آن؟!
هذا الكلام لا يحتاج الى من يشهد عليه ويؤكده بحق نظام جائر تصرف ولا يزال بأبشع طرق الحكم الديكتاتوري – البوليسي حتم على شعبه الخيار بين ان ينقاد للنظام حفاظا على السلامة الشخصية والعائلية، وبين ان ينتفض كما حصل في السنوات الخمس الماضية الى حد تقبل الموت على ان يستمر تحت حكم لم يعرف سلامة التصرف يوما، قياسا على ما كان حاصلا على مدى سنوات طوال، ما اجبر الشعب السوري على تفضيل خيار الموت على الاستمرار في الصمت.
وما يجب قوله عن الروس يتطلب التركيز على غبائهم لانهم يسعون بمختلف الوسائل المتاحة للمحافظة على حليف مهما بلغت تضحيات شعبه الذي لا يمكن ان يتقبله الروس عندما يحين اوان وقف الحرب المجرمة بربح او بخسارة طالما ان النتيجة لن تكون واحدة مهما اختلفت اليها نتائج الحرب التي فرزت شعب سوريا بين قتيل وجريح ونازح بمعدلات قياسية لا سابق لها الا في الحروب العالمية!
الذين مع وجهة النظر القائلة ان التدخل الروسي في الحرب يهدف الى حفظ مكان لهم في المنطقة مهما بلغت اثمان التضحيات البشرية والمادية، لا سيما ان تكاليف الحرب على الخزينة الروسية تكاد تبلغ ذروتها حيث تقدر يوميا بمئات ملايين الدولارات حتى وان كان البعض يتصور او يعتقد ان ما تدفعه موسكو غير كبير لانه يؤمن لها موقع قدم في منطقة الشرق الاوسط، ما كانت لتحصل عليه من دون ثمن، بدليل خروجها المذل من افغانستان على رغم ما بذلته هناك من خسائر بشرية ومادية وهذا مرشح الحصول في سوريا.
وما يقال عن الايرانيين فان هؤلاء يعملون في سبيل تكريس موقع لهم في المنطقة التي لا تزال ترفضهم باصرار، على رغم تقديمات طهران الدينية – المذهبية في كل من العراق وسوريا واليمن والبحرين حيث توظف ثقلها من غير ان تحسب حسابات الا لغدها في هذه المنطقة من العالم لأن المقصود من وجهة نظر طهران ان يكون لها دور في سياسة المنطقة يسمح لها بأن تملي ارادتها في خلاصة توزيع المغانم، وحيث لا بد وان تكون نهاية لكل الاعمال الحربية بعد وقت غير بعيد؟!
السؤال المطروح: اين الاميركيين مما يجري في سوريا، وهل صحيح انهم يتكلون على حروب الارهاب لاستعادة وهج تصرفهم غير المتوازن لعدة اعتبارات في مقدمها ان الاميركيين منشغولون في اجراءات البحث عمن سيخلف الرئيس باراك اوباما الذي اكد تصرفه انه غير مهتم الا بان يغادر البيت الابيض من غير ان يتورط بأي حرب محصورة او عالمية، اضف الى ذلك ان طريقة تصرفه في المرحلة الثانية من ولايته اظهرته رئيسا لا يعرف كيف يقود اميركا بقدر ما غيب بلاده عن العالم، مثله مثل معظم دول اوروبا الغربية المنشغلة بطريقة توحدها حول اهداف مادية – اقتصادية تكاد تقربها من الفشل السياسي العام على صعيد السياسة العالمية.