IMLebanon

تفاصيل الدور الروسي في كواليس معركة الردود

 

 

بعد الضربة الإيرانية للكيان الاسرائيلي وتلويح تل أبيب بالرد، بَدت روسيا حريصة في العلن وعبر الأقنية الدبلوماسية على دعوة كل الأطراف الى ضبط النفس تفادياً لمخاطر انزلاق المنطقة الى مواجهة واسعة… فما هي تفاصيل الدور الذي تؤديه موسكو في سياق هذه الازمة الإقليمية؟

صحيح ان الأسلاك الدبلوماسية التي تربط موسكو بتل أبيب ليست مقطوعة، لكن حرارتها انخفضت كثيرا خلال الفترات الاخيرة، بحيث ان التأثير الروسي على بنيامين نتانياهو تحديداً بات ضعيفاً، نتيجة «البرودة» المستجدة على المستويين السياسي والشخصي، انعكاساً لغضب الكرملين من السلوك الاسرائيلي حيال الحرب مع اوكرانيا.

وفي المقابل، تمرّ العلاقة بين موسكو وطهران في مرحلة متقدمة، خصوصا ان مصالح استراتيجية مشتركة تجمع الطرفين في مواجهة السياسات الأميركية المعتمدة من أوكرانيا الى الشرق الأوسط، في حين نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين وأوروبيين وعرب تأكيدهم أن تعهّد روسيا بتزويد إيران بمقاتلات متقدمة وتكنولوجيا دفاع جوي، قد يُعزّز دفاعات طهران إزاء أي هجمات إسرائيلية محتملة.

 

وتفيد معلومات مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع ان موسكو كانت مرتاحة الى طبيعة الرد الإيراني المدروس على الاعتداء الذي استهدف القنصلية في دمشق، علماً ان القيادة الروسية كانت قد تمنّت على «الأصدقاء الإيرانيين» خلال تواصل مباشر معهم بأن تكون الضربة مضبوطة الإيقاع بحيث لا تؤدي إلى التدحرج نحو حرب اقليمية.

 

وتسجل موسكو لطهران انها تجاوبت مع النصائح التي تلقّتها بأن تعتمد ردا محدودا، وهي تعتبر ان الهجوم الإيراني راعى بالفعل الضوابط المطلوبة وأتى كما توقعته وتمنّته روسيا.

 

وتوافق موسكو الإيرانيين على انه كان من حقهم ان يردوا على مهاجمة إسرائيل قنصليتهم في انتهاكٍ فاقع للأعراف الدولية، وتقرّ بأنّ ما فعلته الجمهورية الإسلامية قانوني ومشروع كونه يندرج ضمن سياق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وبالتالي، فهي تتفهّم بل تؤيّد، وفق تأكيدات المصادر الدبلوماسية، الرد الإيراني بالحجم المدروس والمحدود الذي اتخذه.

 

ويأمل الروس الآن في أن لا يتهور نتنياهو بالذهاب إلى ردٍ أهوج على الضربة الإيرانية وان يبقى متقيّداً بقواعد اللعبة، بعيداً من اي مغامرة غير محسوبة، مع الاشارة الى ان موسكو تعتبر، تبعاً للمصادر، ان ليس هناك في الأساس من داع لرد إسرائيلي، في اعتبار أن إسرائيل كانت هي البادئة في التصعيد عبر الاعتداء على المقر الدبلوماسي الإيراني في دمشق فردّت عليها طهران بضربة محدودة، وبالتالي يتوجب ان تتوقف الأمور عند هذه الحدود.

 

وترجّح موسكو، على ما تنقله المصادر، ان تكون الغاية الاساسية للرد الاسرائيلي على طهران، اذا حصل، حفظ ماء وجه نتنياهو بالدرجة الأولى، خصوصا أمام اليمين المتطرف، مستبعدة ان تلجأ تل أبيب الى خيارات دراماتيكية يمكن أن تأخذ المنطقة الى المجهول.

 

وتكشف المصادر الدبلوماسية ان الموقف الاسرائيلي من الحرب الروسية – الاوكرانية والمُنحاز الى جانب كييف، شكّل احد دوافع التفهم الروسي للضربة الإيرانية، وذلك على قاعدة معاملة نتنياهو بالمثل.

 

وتشير المصادر الى انه قبل أزمة أوكرانيا، حلّ نتنياهو ضيف شرف على الرئيس فلاديمير بوتين خلال احتفالات 9 أيار في ذكرى الانتصار على النازية في الساحة الحمراء، حيث كانت العلاقة بين الطرفين في عصرها الذهبي، وهذا ما يفسر صدمة موسكو إزاء قلة الوفاء التي عكسها نتنياهو من خلال رفضه إبداء اي تعاطف مع روسيا بعد اندلاع الحرب الاوكرانية.

 

وتروي المصادر ان موسكو طلبت خلال إحدى المرات من الجانب الاسرائيلي إدانة إعدام القوات الأوكرانية جنوداً روسيين أسرى، الا انه لم يفعل، ما فاقمَ الازمة بين الطرفين.