IMLebanon

أزمة الروبل والتصلّب الروسي المتوقع شرق ـ أوسطياً أيضاً

 

هل تؤثّر «أزمة الروبل» في أوضاعنا المحلّية والإقليمية وكيف؟

طبعاً، ليس من بوابة المعزوفة اللبنانية المستهلَكة التي لا تنفك تردّد بأنّ روسيا «ستعطي من هنا لتأخذ من هناك»، فالمناخ الروسي العام، بعد تدخل المصرف المركزي لرفع مرهق للفوائد، ثم كلمة الرئيس فلاديمير بوتين لا يوحي بغير التصلّب على الجبهات كافة. 

في موسكو، منطوق الحكم واحد: انها الحرب. هي عسكرياً حرب مواقع، في الشرق الأوكراني. وهي اقتصادياً، حصار اقتصادي ومضاربة نفطية. معادلة المضاربة النفطية أنّ المبادر اليها يلجم وطأتها على نفسه حتى تنفجر الأزمة بغريمه. لموسكو السلاح نفسه لجهة امدادات الغاز للقارة الأوروبية، سوى أنّها تحديداً لم تعد تستطيع استخدامه الآن: اي لم يعد بمستطاعها ان تلجم وطأة تدبير كهذا على نفسها كي يكون هناك متسع من الوقت يستغيث على أعتابها غريمها. الحصار سيشتد. الاستنزاف في الشرق الأوكراني أيضاً. أما في الشرق الأوسط فلا تأثير مستقل للأزمة الروسية، الا من جهة كون إيران هي أيضاً، في سرب الخاسرين من الهبوط الحاد في سعر برميل النفط. سوى أنّ، الفارق بينها وبين روسيا، أن الثانية محكومة بالاندفاع أكثر فأكثر الى التصلّب في مواجهة الحصار الاقتصادي والمضاربات النفطية والمالية، وبالتقاطع مع المواجهة المسلّحة في شرق اوكرانيا، في حين تسعى ايران لرفع كاهل العقوبات عنها، وتبحث بيلوروسيا عن سبيل لإعادة الوصل بأوروبا الشرقية، وقد يكون النموذج الكوبي مثالاً لامكانية تصفير بعض البلدان حساباتها السلبية مع الولايات المتحدة، بالاستفادة من تركيز الأخيرة من جديد على التصدّي لروسيا، والعمل على إحباط نظام الرئيس فلاديمير بوتين.

في الوقت نفسه، نعم. لقد كان للسياسة الروسية الداعمة لنظام بشار الأسد في زمن الثورة والحرب الأهلية دور في إحياء التقاطع بين «الاحتواءين» الغربي والاسلامي لها، وصولاً الى المواقعة الاقتصادية بعد ذلك. لكن أزمة الروبل لن تجعل روسيا «تتوب» على هذا الصعيد. هي الآن ستعمل بما أوتي لها كي تمنع خسارتها لأي ورقة فعلية أو رمزية، ونظام بشار الأسد مسألة «رمزية» في موسكو أكثر منها «واقعية»، مع انه سيتبين لاحقاً، أنّ الغرب لا ينظر أساساً الى سوريا كـ»شيء روسي»، لا «واقعياً»، ولا «رمزياً». وانّه عندما يختار التمدّد الى الحديقة الخلفية لموسكو، فهو يفعل ذلك على أرض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق بالدرجة الأولى.

يبقى أنّنا حيال تداعيات ستتوالى في أعقاب «أزمة الروبل». خروج الاشتعال عن منطقة المواجهة المباشرة في شرق اوكرانيا ليس «كلمة في الفم»، لكن، الأزمة الحالية تخاطر بالسلام العالمي. هبوط سعر برميل النفط فرز الدول المصدّرة له الى فسطاطين، رابح وخاسر، لكن السعر لن يلبث فيرتفع بعد حين. بكل بساطة، نحن ندخل في منطقة من الاضطراب العالمي جديدة، وافضل ما نفعله تنحية الاحكام المسبقة قليلاً، وعدم تفسير المحلي بالاقليمي والدولي «خبط لصق»، وعدم الفصل بين المستويات بشكل فج. فلا هي «الامبراطورية الروسية العائدة» ولا هي «البائدة». انه صراع سيمتد لسنوات طويلة. الأفضل متابعته من دون أوهام سلبية كانت أو ايجابية. في نهاية الأمر، اذا كانت روسيا تلتزم سياسة خاطئة في الوضع السوري، فلا يعني هذا ان تمدد حلف شمالي الاطلسي اليها كان من فرط الوله بالسلام. واذا كانت أزمة الروبل عرّت الكثير من الأمجاد المزعومة لبوتين، الا أنّ صاحبنا لم يعدم الحيلة.