Site icon IMLebanon

توافق روسي ـ تركي على «تسوية» للأزمة السورية

استبق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وصوله الى روسيا بالاعلان «ان لا حلّ للازمة في سوريا من دون روسيا«. والتقى نظيره فلاديمير بوتين مزودا بعناصر قوة نابعة من مستجدات حلب، ونجاح المعارضة بكسر حصارها، وهو ما كان ليتم من دون سماح أنقرة تزويدها بالمقاتلين والذخائر.

ويوحي فصل الرئيسين ملف تطبيع علاقاتهما عن البحث في سبل التوصل الى «تسوية» للازمة السورية بـ«الجدية» وفق ديبلوماسي لبناني متابع رغم اقرارهما بأن «المقاربات غير متطابقة» حتى الآن. فلهذا الفصل ثلاثة احتمالات: إما دليل على الخلاف، أو عن رغبة في الحل، وإما على الاقل دليل على عمق المباحثات وشموليتها. 

فبعد بحثهما مساء الثلاثاء في الازمة السورية، اقتصر ما تسرب عنه على «اتفاق مبدئي» لإيجاد حل مشترك يرضي الطرفين أساسه «ان التحولات الديموقراطية لا يمكن ان تتم الا عبر وسائل ديموقراطية. وأعقب ذلك اعلان وزير الخارجية التركي مولود شاويش اوغلو عن وفد مختص الى روسيا لمواصلة البحث في «التسوية». و»التسوية» تعني وفق المصدر المتابع عن كثب للتطورات التركية «تنازلات» من الجانبين توصلا الى «رؤية مشتركة». وهو ما يذكر بـ«تفاهمات موسكو« التي اقرت منتصف الشهر الماضي بين وزيري الخارجية الاميركي والروسي والتي مازال البحث في تفاصيلها مستمراً في جنيف عبر الخبراء. 

وعما في جعبة الرجلين للمقايضة في مسألة «التسوية» يتساءل المصدر عن استعداد موسكو لبيع رأس بشار الأسد مقابل أنبوب يُوصل غازها الى اوروبا عبر تركيا، ويعوّضها عن الانبوب الذي حرمتها منه اوروبا وكان عبر اوكرانيا، وخصوصا أن النقطة الاهم بنظر بوتين هي «استئناف التعاون في مجال الطاقة». وهو لا يستبعد أن يرجأ البحث في المرحلة الراهنة بنقطة الخلاف الاساسية هذه كما جرى في «تفاهمات موسكو» وخصوصا ان اردوغان ما زال متمسكا برحيل الأسد وأن بوتين طالما أعلن ان تمسكه يعني الدولة السورية لا الاسد شخصياً.

ويذكّر المصدر بأن ما يجمع الطرفين في بحث «التسوية» تمسكهما بالحل السلمي وبوحدة الاراضي السورية بما يوفر لأنقرة ضمانات لعدم قيام كانتون كردي سوري على حدودها، وهذا من الاسباب التي تدفعها للحفاظ بكل قواها على حلب خارج سيطرة النظام. وبرأيه فإن اردوغان يؤيد توسع الدور الروسي لأنه يقلّص دور إيران من جهة ودور الاكراد الذين ترعاهم واشنطن من جهة أخرى. 

فمعارك حلب أظهرت استحالة الحل العسكري الذي ما زال بشار الاسد، مدعوما من إيران، يسعى اليه. لكن لا واشنطن ولا موسكو ولا أنقرة تريد ان يحقق الاسد انتصارا كاملا لان ذلك يقضي على العملية السياسية التي يتمسكون بها والمكرسة في «بيان جنيف 1« وفي قرار مجلس الامن 2254 .

فالمواضيع ذات الطابع الاقتصادي كانت محور المؤتمر الصحافي الذي عقداه اثر اول اجتماع بينهما بعد ظهر الثلاثاء من مسألة التبادل التجاري الى السياحة الى الاستثمارات الاستراتيجية، وهو ما يساعد فعليا في تحقيق انفراج اقتصادي للطرفين: انقرة التي تعاني بشدة من العقوبات الروسية وموسكو التي ترزح تحت وطأة عقوبات دولية.

وقد انعقدت القمة على وقع اخبار حشودات الطرفين في حلب استعدادا للمنازلة الكبرى. وهي اول زيارة للرئيس التركي بعد محاولة الانقلاب، الذي كان بوتين اول من رحب بفشله، والاولى منذ توتر العلاقات مع روسيا بعد إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر 2015 وبعد عملية التقارب مع موسكو وتل ابيب. يضاف الى ذلك ما يسود من توتر ما بين تركيا والولايات المتحدة وأوروبا بسبب تمنع الاولى عن تسليم المتهم بالوقوف وراء الانقلاب وانتقادات الثانية لعملية التطهير الواسعة ومقولة الحفاظ على حقوق الانسان وما سبقها من نتائج مسألة النزوح السوري الى الدول الاوروبية عبر تركيا.