IMLebanon

الانسحاب الروسي… وماذا بعد؟!

أسئلة كثيرة طرحها قرار موسكو الانسحاب العسكري من الحرب السورية، في الذكرى الخامسة للثورة على نظام بشار الاسد، أول سؤال في هذا الصدد تأكد الروس من ان لا حل عسكرياً مهما تقادم الزمن، أضف الى ذلك ان الساحة السورية لم تعد تستوعب المزيد من القتل والدمار بلا جدوى، حيث استمرت الثورة بل طائل من جانب الاسد الذي فعل السبعة وذمتها في مجال سعيه الى الاستمرار في حكمه، ليس لأن جيشه لم يهزمه، بل لأن اتكاله على الروس وايران وحزب الله لم يجد نفعاً، الأمر الذي أخرأنهياره في القريب العاجل؟؟

لقد خرج الشعب السوري خلال اليومين الماضيين الى الشوارع للاحتفال مسبقاً بنجاح ثورته التي ان تأخرت نتائجها الحاسمة فلمجرد التدخل القريب على مسار الحرب وتزويده بشار الاسد بمقومات استمراره، بعكس مجريات الأمور على الارض. لكن ساعة الصفر ان تأخرت فلزمن قصير، لأن الشعب السوري مصمم على التغيير ولم ولن يتراجع، قناعة من الجميع في الداخل والخارج ان الثورة السلمية وان تطورت الى عسكريين فإنها لم تنته.

ان السوريين لم يفقدوا الأمل بازاحة النظام الهمجي الذي لم يترك وسيلة الا واستخدمها الى حد القول عنه أنه لم يعد لديه من وسائل المواجهة سوى الاتكال على الايرانيين والروس وحزب الله وهي قوى دخيلة يستحيل ان تستمر في حماية نظام منهار، وما الخروج السوري في الذكرى الخامسة على انطلاق الثورة سوى تأكيد للقول ان خطوة موسكو لن تمنع سقوط الاسد، بل هي مرشحة لأن ترجىء انهاء حكمه لبعض الوقت ليس إلا، بانتظار نضوج التسوية، لأنه لولا التدخل المشار اليه لكان نظام الاسد كحكم وسلطة في خبر كان؟؟

ان الشعب السوري قدم تضحيات نضالية بمثابة أمثولة وطنية من المستحيل تصور فشلها على المستوى البعيد، مهما ترددت اخبار عن ان التدخل الخارجي قد نجح في تأخير ساعة حسم الحرب، من ضمن ما طرحه الروس من أسئلة عن جدوى وجودهم في سوريا مثلهم مثل الايرانيين وحزب الله الذين لم يتركوا وسيلة قتل وتدبير الا واستخدموها بلا جدوى، وهذه الصورة تشكل مصادفة تاريخية قريبة مما حصل في لبنان يوم طرد المحتل السوري على رغم كل ما بذل اللبنانيون من تضحيات ثمينة جنى بنتيجتها فرصة النصر والاستقلال والحرية (…).

ومن ضمن الأسئلة التي يطرحها الخروج الروسي من الحرب السوري: هل نضجت التسوية الى حد شعور موسكو بأن لا مجال لأن يستمر نظام الاسد، على رغم كل الدعم الذي وصل اليه من الروس والايرانيين وحزب الله الذين بلغوا حد المواجهة المباشرة مع قوى المعارضة التي لولا التدخل الغريب لما كان قادراً على الاستمرار ولسقط منذ وقت طويل. هذه الحقيقة لا تحتمل تأويلاً من جانب أي طرف على علاقة بالحكم السوري الظالم الذي بات يشعر بأنه دخل مرحلة الانهيار الكامل وليس من بوسعه ان يسعفه مهما اختلفت التطورات الميدانية؟!

ان محاولات الأسد خلق جو من توازن الرعب في اتكاله على الروس والايرانيين وحزب الله لم يجد نفعا، لاسيما ان شراسة النظام بلغت ذروتها في معظم المناطق السوري التي باتت تحتاج الى اعمار شمولي لكثرة ما لحقها من غارات وقصف مدفعي وصاروخي على مدى خمس سنين مرشحة للمزيد، طالما استمر بشار الاسد والطغمة المحيط به بالمكابرة السلبية التي لن ينجو الحكم من النهاية الحتمية مهما زاد من معدل جرائمه وتدميره المدن والقوى السورية فوق رؤوس ساكنيها (…).

ان المحادثات الجارية في سويسرا لوضع حد للحرب في سوريا مرشحة لأن تشهد فصولها الأخيرة الرامية الى تأمين مكان يلجأ اليه بشار الاسد في نهاية حكمه، فيما يجمع المراقبون على توقع استمرار المناوشات العسكرية على الارض السورية، لأن الايرانيين ومعهم حزب الله في غير وارد التخلي عن نظام الاسد، كي لا يشعروا عربياً ودولياً بعد الذي بنوه من آمال على استمرار النظام السوري كنقطة تواصل ومواجهة بين طهران وبعض الدول العربية وفي مقدمها العراق واليمن؟؟

وما يثير التساؤل عن ابعاد الانسحاب الروسي من الحرب السورية هو وعي موسكو أخيراً أنها لن تخرج من سوريا من دون خسائر تلحقها في دورها الدولي والاقليمي، فضلاً عن ان الروس قد أدركوا استحالة استمرار حكم الاسد مهما وظفوا له من قدرات عسكرية. ولن يكون بوسعهم البقاء في حال دعم قبل ان يفاجأوا بانهيار الاسد وحكمه، مهما بلغت قوة الايرانيين وحزب الله الموظفة لمواجهة المعارضة؟!

وما يهم لبنان في هذه المرحلة المفصلية هو عودة النازحين السوريين الى بلدهم قبل ان تتحول المشكلة الاسكانية معهم الى حد التجنيس، كما يتردد في بعض الأوساط، بما في ذلك تحولهم الى لاجئين مثلهم مثل الفلسطينيين؟!