توافرت معلومات مفادها أن ما يجري في جنيف من تفاوض جدّي، والعين الساهرة الاميركية والروسية لا تفارق أي تحرك يقوم به المبعوث الأممي الخاص الى سوريا ستافان دو ميستورا. ولفت أكثر من سفير غربي في بيروت الى أن هناك عقبات كثيرة ظهرت من وفدي النظام والمعارضة. واعتبر أحد السفراء ذلك أمرا طبيعيا، مستندا الى الأجواء في جنيف، علما أن المهمّ هو صمود وقف الأعمال العدائية وتحويله من هشّ الى دائم.
وأدرج أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمغادرة نصف عدد مقاتلات سلاح الجوّ الروسي التي كانت تتولى قصف مواقع “داعش” و“النصرة” في سوريا، في إطار المشجّع على دفع المفاوضات على طريق الحل، ودعمها، وإفهام النظام أن عليه أن يساعد على إنجاحها وليس عرقلتها بوضع شروط تعطّلها. ولاحظ أن تصريحات رئيس الوفد المفاوض السفير بشار الجعفري كانت أكثر ليونة، ولا تحاكي بشيء الموقف الذي سبق أن أعلنه وزير الخارجية وليد المعلم، وفُسّر بأنه تصعيد لا يخدم انطلاقة المفاوضات. وعوّل على الموقف المرحّب لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالانسحاب الجزئي لسلاح الجو الروسي من سوريا، واصفا إياه بأنه “خطوة إيجابية نأمل أن تجبر الرئيس بشار الأسد على تقديم تنازلات“.
وأعرب عن أمله في أن “يسرّع الروسي وتيرة الانتقال السياسي في سوريا“، كما أن دو ميستورا عدّل موقفه الذي كان يتحاشى التعليق على الانسحاب الى مؤيد له، لأنه يؤشر لإيجابيات قد تحصل بعدما تلقى معلومات من روسيا في هذا الصدد.
وتوقف سفير دولة كبرى معتمد لدى لبنان عند حرص وزارة الدفاع الروسية على الإعلان عن مغادرة المقاتلات الروسية قاعدة حميميم السورية مع صور متلفزة لمواعيد إقلاعها، ثم الإعلان عن هبوطها في قاعدة عسكرية جوية جنوب روسيا ساعة وصولها، خلافا لقواعد السرية المتبعة في تنقل السلاح الروسي. واستنتج أن موسكو أرادت أن تكون شفافة في ما تقوم به وتعلنه، من دون أي مواربة أو تخفّ بذريعة السرية، مع حرصها على التأكيد أنها خفضت عدد المقاتلات لتوفير النفقات لا للانسحاب، لأنها تعلم كل العلم أن المعركة ضد الإرهاب لا تزال طويلة وان ما ساعد عليه سلاح الجو الروسي أفسح في المجال أمام الجيش السوري لطرد “الدواعش” من مساحات وقرى كانوا يسيطرون عليها، وانه جرى تثبيت النظام الذي كان مهتزا قبل 30 أيلول الماضي.
وتقاطعت معلومات ديبلوماسية وردت الى بيروت من واشنطن وموسكو عن أن الخط المفتوح بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف كفيل بأن يعالج ما يطرأ من خلافات بين الوفدين السوريين المتفاوضين، ويؤمل أن يثمر استقبال بوتين لكيري الاسبوع المقبل خطوة إيجابية في مسار المفاوضات. ولم يعد مهمًا معرفة الدافع الحقيقي لانسحاب نصف الأسطول الجوي الذي أتى الى سوريا منذ خمس سنوات ونصف سنة، لأن ذلك لا يعني الدور العسكري الروسي الجوي في سوريا، بل على العكس، إنه مستمر، والمقاتلات في مطار حميميم والوارج في قاعدة طرطوس البحرية مع نظام صاروخي متطور.