انتهت الانتخابات البلدية، لكن الاهتمامات بقيت منصبّة على مصير الانتخابات الرئاسية التي تعتبر المحرك الأساسي لعجلة الدولة.
روسيا في الآونة الأخيرة كانت تعمل على الخط الرئاسي مع أكثر من طرف إقليمي ودولي. وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن موسكو تستبعد حلولاً قريبة للملف الرئاسي اللبناني. إلا أن اللافت، هو أن الروس بدأوا يتحدثون ويعبّرون ويحملون المسؤولية عن عرقلة انتخاب الرئيس، الى إيران و»حزب الله». كان الأمر بالنسبة الى الروس يحصل، ويقابلونه بالتلميح عبر القنوات الديبلوماسية، لكن حالياً بات موقفهم أوضح وهذه نقطة جديدة، حيث إن موسكو تعتبر أنه يمكن لإيران أن تؤدي دوراً مساعداً أكثر في الموضوع اللبناني، لكنها لا تقوم بذلك.
والروس يعتبرون أيضاً، أن لدى إيران سلة مصالح في المنطقة، إنما تضع مصالحها في تلك الملفات أولوية وتفضلها على أن تلعب دوراً تسهيلياً في لبنان، على الرغم من أن جهات أوروبية دعتها الى التسهيل، وكذلك موسكو.
وتؤكد المصادر، ان إيران تخلط وتربط مواقفها في المنطقة ببعضها البعض، وهذا ما ينطبق على موقفها من الملف اللبناني، الذي تربطه بالوضع في اليمن، وسوريا، ولم تقبل بعد بالفصل بينها، وبالتالي، لهذا السبب يستمر لبنان في أن يدفع الثمن في الفراغ الرئاسي الذي أكمل السنتين.
لكن حتى في سوريا هناك اختلاف في المصالح والأولويات بين موسكو وطهران. في آخر معركة في خان طومان، حصل استياء ايراني من روسيا لأنها لم تتدخل بالطيران، الأمر الذي أدى الى خسارة كبيرة لإيران، والروس يقومون باتصالاتهم الديبلوماسية مع إيران ومع كل الأطراف الدولية. ولم يظهر لديهم أن الاستحقاق الرئاسي أولوية عند كل هؤلاء، لا الاقليميين ولا الدوليين، واستنتجت موسكو انه يمكن لإيران المساعدة في انتخاب الرئيس لكنها لا تقوم بذلك.
منذ التدخل العسكري الروسي تحدثت معطيات عن خلافات بين إيران وروسيا. لكن الواقع، وفقاً للمصادر، أن لا خلافات استراتيجية، ولا تزال مصالحهما تتقاطع في أماكن كثيرة. روسيا يتمايز موقفها عن إيران وهي تدعم وصول رئيس توافقي يجمع عليه اللبنانيون وهي تعتبر أن الموضوع شأن داخلي وليس لديها «فيتو» على أحد، إنما هناك ضرورة ماسة للوصول الى مرشح توافقي ينهي الأزمة في أسرع وقت ممكن.
المشكلة هي في أنه لا حلول قريبة للأزمات في المنطقة، وكل ملفاتها تحتاج الى الوقت نظراً لتعقيداتها، ومن بين تلك التعقيدات ما هو متأتٍ من التدخلات الإيرانية في المنطقة. وإيران في الوقت نفسه ليست موافقة على فصل الملف الرئاسي اللبناني عنها، على الرغم من أن الملف اللبناني هو أسهل ملف نسبة الى ملفات المنطقة الأخرى، وليس من تجاوب إيراني لحله حتى الآن.
وتتوقع مصادر ديبلوماسية أخرى، أن يستمر الستاتيكو الرئاسي سائداً الى حين حصول ظروف اقليمية ودولية جديدة. وداخلياً هناك أفرقاء داخليون قادرون على تعطيل النصاب، وافرقاء لديهم الأكثرية إنما غير قادرين على توفير النصاب. لبنان ليس أولوية دولية في ظل الوضع المأزوم في سوريا واليمن والعراق ومكافحة «داعش».
والدول على الرغم من كل ذلك، تريد من الداخل أن يصار الى انتخاب رئيس وإنهاء الأمر، لا سيما وأنها تعتبر أن أي رئيس في هذه المرحلة لن يغير كثيراً في أوضاع البلاد. الفكرة الأفضل هي عدم ربط ملف لبنان بأزمات المنطقة من أجل حل الموضوع والحفاظ على المؤسسات.
الرئاسة الفرنسية خذلت عندما تدخلت في ترشيح النائب سليمان فرنجية ولم يتم تسهيل انتخابه. أرادت أن يكون لها دور في انتخابه، واعتقدت أن وصوله ممكن، وأن فرنسا هي التي ستساهم في حلحلة الأمر. الفكرة طرحت داخلياً واقتنع بها بعض الخارج. لكن البعض الآخر عمد إلى عرقلتها. والآن لا يبدو في الأفق أن اختراقاً ما سيحصل قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية وتسلم الادارة الجديدة السلطة وروسيا لا يمكنها وحدها حل المسألة.