Site icon IMLebanon

الروس على الخط

الدخول العسكري الروسي المدوي على خط الأزمة السورية، أضاف شاغلا جديدا للهموم في لبنان، البعض انفرجت أساريره اعتقادا بولوج المنطقة مرحلة الصراعات الدولية المباشرة، ما يزيل المخاوف من الوقوع في قبضة الجاهلية المقنعة بالدين، والبعض الآخر، وسّع ابتسامته وهو يرى المدّ الروسي يطغى، أو ربما يصادر، حصاد ٣٥ سنة من التمدد الايراني في قلب العروبة النابض…

وعن الموقف الأميركي الغامض من هذا الدخول قولان: قول يرى ان واشنطن استدرجت موسكو الي افغانستان جديدة، على غرار ما كان واقع حالها في تلك البلاد المفطورة على الحروب، وآخر يذهب بعيداً أكثر فيرى ان التورّط الروسي في المستنقع السوري، يعزز من فرص قبوله بتسوية، أفضل على مستوى الأزمة الأوكرانية…

بالمقابل يضع الروس، الاستجابة لطلب الحكومة السورية عنواناً لانخراطهم في هذه المعمعة، مع إرضاء المعارضة السورية المعتدلة، وحتى الجانب الأميركي، بالقول، ان إمساك موسكو بزمام الوضع السوري، هو السبيل الوحيد، لاقناع النظام قبل غيره، بتقديم تنازلات، وهذا ما يتم تسويقه أمام العالم، فيما يقال للشعب الروسي، انها الحرب الاستباقية على الشيشانيين الدواعش، حيث هم على الجبهات السورية، قبل أن تتسنى لهم العودة الى بلدهم والتغلغل بأفكارهم المصنّفة في خانة السوبر إرهاب بأرجاء آسيا الوسطى الروسية…

ويُستدل على هذه الخلفية من مباركة الكنيسة الروسية للحملة العسكرية في سوريا…

هنا تسأل شخصية لبنانية علمانية الطبع والطبيعة، لماذا هناك مقاتلون شيشانيون في سوريا والعراق واليمن، أليس لهذا علاقة بالاستبداد والتمييز؟

فعندما يلجأ انسان الى هذا المستوى من اليأس، ان يقتل أو يُقتل، فذلك يتطلب مراجعة الأسباب قبل معالجة النتائج على طريقة داوني بالتي كانت هي الداء…

وعندما يتصدّى المقدسيون بالحجارة واللحم الحيّ، لرصاص الجنود الاسرائيليين المكلفين بحماية جماعات المستوطنين المدنسين لحرم الأقصى، فان اتهام حماة ثاني الحرمين، بمنع المستوطنين من ممارسة طقوسهم الدينية، يضاعف من سخطهم وبالتالي من سلبيات ردود أفعالهم… انه قانون نيوتن: لكل فعل ردّ فعل معاكس.

المسألة مرتبطة بمستوى حياة الانسان، بالعدالة الاجتماعية، اكثر من ارتباطها بالدين، حتى لو تدثرت بردائه، وحلها بالنسبة الى لبنان، يكون بالمحافظة على التنوع والتعدد والديمقراطية، وهذا يتطلب المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية، اياً كان هذا الرئيس، شرط أن يكون موثوق الايمان، بالميثاق والدستور وبحيادية الوطن الصغير عن الصراعات الاقليمية، لا القومية.

وفي اعتقاد اوساط نيابية مسؤولة ان الاميركيين لن يسعوا الى تأمين التوازن العسكري مع الروس في سوريا بالكامل، مهما طال الاختلاف حول مصير الاسد، فيما همّ الاوروبيين وقف الهجرة البشرية.

وهذا يعني ان الازمة السورية حبل يطول، وهذا ينسحب على لبنان، من خلال المزيد من الوقت الفراغي، على مستوى رئاسة الجمهورية.

وقد زاد الطين الرئاسي اللبناني بلة، احتدام التوتر بين المملكة العربية السعودية وايران، والذي تفاقم بعد كارثة مشعر منى وما تعرض له الحجاج من جراء التدافع الجاري التحقيق بخلفياته والاسباب، ففي وقت كان رهان اهل الحوار الدائم في مجلس النواب، على تفاهم سعودي – ايراني يُنزل رئاسة الجمهورية اللبنانية عن شجرة المصالح الاقليمية، ويحررها من ابتزازات الطامحين او الحالمين، او هواة الصيد في المياه العكرة…

ورب سائل، لماذا الحوارات الثنائية والثلاثية والسداسية، طالما ان قرارنا الرئاسي في الخارج؟

الجواب الموضوعي والواقعي، كان للوزير وائل ابو فاعور: نحن نستطيع أن نصيح، لكن ليس بوسعنا أن نطلّع الفجر…