IMLebanon

مواقف روسيا تحيي «حلم» الأسد بالسيطرة على سوريا

تتقاطع المؤشرات لتوحي بان نظام بشار الاسد عاد، بعد ان تخلى في فترة سابقة، الى «حلم« الحسم العسكري مستفيدا من الغطاء الجوي الروسي الكثيف الذي يستخدم «داعش« مظلة لضرب كل الفصائل الاخرى، ومستغلا مؤتمر «جنيف 3« لتوسيع سيطرته كما بدا بوضوح عبر تصعيده، بالتزامن مع المؤتمر، هجماته خصوصا في ريف حلب بما يقطع طرق الامداد الرئيسية للمعارضة.

فتعديل موازين القوى لمصلحة النظام، الذي انقذه التدخل الروسي العسكري قبل بضعة اشهر من احتمال فقدانه العاصمة دمشق، سمح له بان يكون اكثر تشددا في مواقفه خصوصا وان حليفته الاخرى ايران باتت تتمتع بهامش اوسع بعد رفع العقوبات عنها. فقد احيت هذه العوامل حلم استعادة السيطرة على كامل الاراضي السورية وهو ما يظهر من التشدق بالانتصارات الميدانية ومن عودة وفد النظام الى مقولة اولوية القضاء على الارهاب قبل الولوج في المفاوضات السياسية، وهو الموقف الذي كان سببا رئيسا في انهيار مفاوضات «جنيف 2« .

بالمقابل التحقت المعارضة المعتدلة بركب «جنيف 3» تحت ضغوط دولية قوية وحتى لا تتهم، مع حلفائها الاقليميين، بانها سبب الفشل في السعي لانجاز حل سياسي مزعوم. ومع ذلك بقيت متمسكة باولوية الشق الانساني لانخراطها الفعلي، بما يعني فك الحصار والتجويع واطلاق الاسرى خصوصا النساء ووقف الغارات الروسية على المدنيين، في ما تعتبره تطبيقا للبندين 12 و13 من القرار الدولي 2254. 

لكن روسيا، ورغم المطالبة الاميركية بلسان وزير الخارجية جون كيري بوقف غاراتها وإن كموقف «رفع عتب، وفق ناشط سوري معتدل معارض، فهي عاودت التاكيد بلسان النظير سرغي لافروف بانها لن تتوقف حتى تلحق «الهزيمة الفعلية« بـ«داعش« و«النصرة«. كما لم يؤثر في موقفها المتشدد الحذر الاوروبي من مخططاتها الغامضة في مقابل الاستكانة الاميركية. وقد وصل الامر حدّ اعراب وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند عن الخشية من ان تكون موافقة روسيا على السعي لتحقيق السلام في مؤتمر «جنيف 3« مجرد ورقة توت تغطي سعيها لنصر عسكري هدفه الاخير اقتطاع دولة علوية خصوصا مع استهداف غاراتها حتى المدنيين بما يستجر فرزا سكانيا. فروسيا وفق المصدر نفسه اكثر واقعية من الاسد وتعرف حق المعرفة ان استعادة النظام كامل الاراضي مستحيل، خصوصا اذا تم القضاء على «داعش»، بما يجعل المقاتلين المعتدلين في موقع افضل.

بالتاكيد فإن التصعيد من قبل النظام وروسيا لا يصب في مصلحة انجاح «جنيف 3» خصوصا في ظل عوامل اخرى منها ان اميركا المتلكئة اصلا في دعم المعارضة دخلت مرحلة العد العكسي لانتخاباتها الرئاسية بما يجعلها اكثر انسحابا رغم تصريحات شفهية توحي بالعكس كمثل وصف كيري الاسد بانه جاذب للارهاب او دعوتها الروس لوقف غاراتهم في سبيل انطلاقة عملية لـ«جنيف 3« .

كما وان القوى الاقليمية الداعمة للمعارضة تواجه ظروفا صعبة. فالسعودية تواجه الهيمنة الايرانية في اليمن وتركيا تتعرض للتهديدات الكردية على حدودها.

وإذا لقي «جنيف 3« مصير سابقية «جنيف 1« و»جنيف 2«، فيبتعد الحل السياسي اكثر فاكثر. فهل تنتظر المعارضة متغيرات منها وصول الجمهوريين الاميركيين الى سدة الرئاسة مع رهان على انهم لن يقبلوا بالتسليم لروسيا في المنطقة ولاحقا على المستوى الدولي؟ لكن الصمود في فترة الانتظار له مخرج وحيد وفق المصدر نفسه، ويستند الى امكانية ان تنجح السعودية وتركيا خصوصا في توحيد جهودهما لتوفير دعم اوسع للمقاتلين المعتدلين، على اختلاف مشاربهم، بالمال وبالسلاح النوعي.