حين تسأل أكثرية اهل السنّة عن إسم زعيمهم، يسارعون على الفور للرد :” سعد الحريري الهادئ والرصين، وغير الشغوف بالسياسة اللبنانية المفعمة بالانقسامات والكيديات، فهو لا يشبههم من كل النواحي”، ويرون فيه خير ممثل للطائفة. البعض الآخر يصفه بالبعيد عن المرحلة السياسية الحالية المليئة بالمناكفات والخلافات التي لا يجيدها، لانه باحث عن الهدوء والسلام في علاقاته، كما يقول مناصروه، فيما هم يتوقون الى زعيم يقف في وجه الخصوم ، خاصة بعد مرحلة عدم وصول سعد الحريري الى السراي الحكومي، بسبب عدم تكليفه من قبل المقرّبين السابقين، الامر الذي أوجد” الزعل” المستمر معهم لغاية اليوم، من محاربة العهد السابق له عبر خطاب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والذي تضمّن حينذاك الكلام التحذيري للنواب من تسمية الحريري، وبرسالة واضحة بأنّ التأليف لن يمّر حتى ولو مرّ التكليف، تبعته معركة سياسية من قبل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ما جعل” الحرتقة” السياسية تطوقه من كل الجوانب.
وعلى خط آخر، ثمة اسئلة طرحت على مدى سنوات، وتحديداً منذ اعلان تنحيه السياسي من بيت الوسط في كانون الثاني من العام 2022، فبرزت مخاوف من إمكانية ان يُقفل بيت الحريري سياسياً، وان يكتفي الاخير بالاعمال التجارية الاستثمارية في الامارات. وفي هذا الاطار تشير مصادر سياسية مقرّبة منه الى انّ الوضع يتحسّن من ناحية عودته الى لبنان، ولربما تكون قبل انقضاء العام الحالي او مطلع العام المقبل، نافية ان تكون علاقته سيئة مع المملكة العربية السعودية، وهو يتحدث عنها دائماً بطريقة ايجابية جداَ في المجالس الخاصة والعامة.
وعن توقيت عودة الحريري، تقول المصادر المذكورة:” اطمئنوا سيعود حتماً الى لبنان، لكن التوقيت يعود له وحده، ولا بدّ للتطورات ان تحدث تغييراً في اي تسوية مرتقبة يرجع من خلالها. وتشير المصادر الى انّ عودة الحريري في ذكرى إغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط الماضي، وكما في كل عام، تعطي زخماً جديداً دائماً وللتأكيد انه كان وسيبقى زعيماً للطائفة السنيّة، والانتظار يحمل الكثير من الإشتياق السياسي والشعبي له. وما شهدته المناطق المؤيدة له في شباط الماضي خير دليل على ذلك، إذ إنتشرت ضمنها اللافتات المرحّبة والصور والشعارات في بعض مناطق العاصمة، وخصوصاً الطريق الجديدة معقل “التيار الازرق” ، كما لم تغب مناطق شمالية وبقاعية وجنوبية عن مظاهر التأييد له والمشاركة في استقباله، مع نداءات وجهّت له بضرورة العودة النهائية ولمّ الشمل السنّي في توقيت حساس ودقيق، يتطلب إزالة التشرذم وتصحيح الخلل في التوازن الوطني، وملء فراغ الساحة السنيّة، لأنّ الواقع يؤكد بأنّ الحريري كان وما زال وسيبقى الزعيم الأوحد للطائفة، إذ لم يستطع أحد انتزاع مكانه السياسي وشعبيته، لذا سيبقى الوريث للحريرية السياسية والقادر على ترتيب البيت الداخلي، والأشهر المقبلة كفيلة بتوضيح ذلك، خصوصاً أنه ما زال مترّبعاً على عرش الزعامة السنيّة، حتى ولو لم يدخل في لعبة الانتخابات النيابية الأخيرة.
في السياق، إعتبر نائب سابق في تيار “المستقبل” بأنّ الاعتدال السياسي على ما يبدو لا يفيد في لبنان، لأنّ غياب الرئيس الحريري يعني غياب أكبر تيار سياسي يمثل أهل السنّة، الأمر الذي يرفضه جمهوره، ناقلاً نقمة المناصرين على سياسة الاعتدال، لأنها لم تعد على مستوى طموحاتهم، وما يجري زاد من نسبة القلق لديهم، مع رفضهم لكل من يضطهد أهل السنّة. ورأى بأنّ أهل بيروت لا يقبلون بغيره زعيماً لهم، ويطالبون دائماً بشدّ العصب السنّي، مع رفع الصوت العالي والإستعانة بلغة الصقور والدخول فعلياً في الصف المعارض، مع ضرورة المناداة بحقوق الطائفة، ونحن في إنتظار عودته النهائية الى لبنان، لأنّ وضعنا سيتغير بالتأكيد نحو الأفضل.
على صعيد آخر، ثمة مراقبون سياسيون يرون في زيارة شقيقه رجل الاعمال بهاء الحريري غير ناجحة، لانها لم تلق الصدى المطلوب ولم تحقق مبتغاها او تفعل فعلها، لانّ المناصرين للحريرية السياسية إتخذوا قراراهم كما يبدو، ولن يتخلّوا عن شقيقه سعد، ويعتبرون بأنّ بهاء تأخر كثيراً بالعودة، ولم يعرف كيف” يقطفها” في هذا التوقيت، كما لا يملك الكاريزما التي يملكها سعد، وبأنّ شيئاً يتحضّر في اطار التسوية السياسية التي ستعيد اهل السنّة الى قواعدهم، مع مرحلة جديدة من التحضيرات لإنتخابات العام 2026 النيابية، مع توقع المراقبين لمفاجآت جديدة.