IMLebanon

سعد الحريري  وَشَرَفُ المحاولة

أعان الله الرئيس سعد الحريري، وقدَّره أن يتحمّل الحناجر والخناجر في كل مرة يتقدَّم قيد أُنملة في حفر الجبل بإبرة أو في حملِ صخرة سيزيف الرئاسة إلى قصر بعبدا، ولا يكتفي بما قاله البير كامو بعد كل محاولة المثابرة في حدِّ ذاتها… كافية، فبالنسبة إليه ليست كافية إلاّ إذا أوصلت رئيساً إلى قصر بعبدا:

هذه هي رسالته، هذا هو إرثه، هذا هو الوعد للمليون من جمهور 14 آذار.

الرئيس سعد الحريري حرَّك المياهَ الآسنة التي كانت راكدة رئاسياً قبل 17 تشرين الثاني 2015، فكانَ لقاءُ باريس ومنذ ذلك التاريخ أفاقتْ الخلايا الرئاسية النائمة:

تحرَّك خطُّ معراب الرابية، وتحرَّكَ خطُّ الصيفي، فما الذي فعله الرئيس الحريري غير أنَّه قَرَنَ قولَه، باحترامِ الشراكةِ، بالفعلِ، تأكدَّ أنَّ الموضوعَ الرئاسي سيبقى متوقِّفاً عند المحطةِ التي هو فيها، أي محطة الشغور والفراغ، إذا لم يحرّكه أحدٌ، فبادر بهذه الخطوة الجبَّارة مع علمه المسبق أنَّ هذه الخطوة ستُحرِّك كل مشاعر التحدي ضده.

قَبِلَ وتقبَّل التحدي باستيعابِ القلب الكبير والعقل المنفتح، قام بجولة تشاور:

من عين التينة إلى الصيفي إلى معراب، واستقبل المرشّح الأبرز لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجيه، بيت الوسط تحوّل إلى خلية نحل:

دبلوماسيون، وزراءٌ ونوابٌ، إعلاميون، مناصرون، أحزابٌ. تبدأُ الإجتماعات صباحاً باكراً وتستمرُّ حتى ساعاتٍ متقدمةٍ من الليل.

هذا حصلَ وتحقَّق في أقل من أسبوع، فماذا لو بقي الرئيس الحريري في لبنان أكثر من ذلك؟

كل ذلك من أجل إنقاذ الوطن وليس من أجل أي شيء شخصي، يُدرِك أنَّه لو تتضافر كل الجهود فإنّ بالإمكان إنقاذ الوطن، وهو من أجل ذلك يرفضُ القولَ إنَّ موضوعَ الرئاسةِ أكبرُ من لبنان، فبالنسبة إليه إنَّه بيد اللبنانيين وعلى الجميع النزول إلى المجلس لننتهي من هذا الوضع. وفي ما يتعلَّق بموضوع رئاسة الحكومة فهو قال ما كتبناه في هذه الزاوية أكثرَ من مرة، فهو يعرفُ أنَّ الدستور هو الذي يحدّد الخطوات وليس أي شيء آخر، ولهذا تحدَّث للمرة الأولى عن موضوع ترشُّحه لرئاسة الوزراء فقال بما يشبه تساؤل العارف:

هل ترونني راكضاً لأصبح رئيساً للحكومة؟

هناك نوابٌ يقررون في الإستشارات مَنْ هو رئيس الوزراء وما حدا يحطّها فيّي. سعد الحريري يريد رئيساً للجمهورية مهما كلّف الأمر. لكنه أكّد أنَّه إذا طُلِبَ منه تولّي هذه المهمة فسيتولاها.

هل من كلام أوضح من هذا الكلام وأكثر جرأة منه؟

وفَّقك الله دولة الرئيس للقيام بشرف المحاولة لإنقاذ الرئاسة.