Site icon IMLebanon

سعد الحريري  ومؤشرات العودة

قَهران يتحمَّلهما الرئيس الشاب سعد الحريري:

قهر الغربة القسرية حيناً والطوعية حيناً، وقهر الصمت لأنَّه لا يستطيع قول كلِّ شيء مُفضِّلاً العمل بصمتٍ وسكينة على الضجيج الذي يواكب كلَّ خطوة.

لكن في مقابل القهرين، فخران يحملهما الزعيم الشاب:

فخرٌ أنَّه حتى ولو غاب قسراً فإنَّ طيفَ زعامته لا يستطيع أحدٌ حجبه، وفخرٌ أنَّ الثقة فيه لا تتأثر بهذا الغياب:

إذا انعقدت طاولة الحوار توجَّهت الأَنظار إليه لمعرفة موقفه، وإذا انعقدت الطاولة الثنائية بين تيار المستقبل وحزب الله، يهتمُّ الجميع لمعرفة كيف ينظر إلى هذه الطاولة، وإذا تعقَّدت في ملفِّ النفايات يكون جواب تيار المستقبل عنده، فسعد الحريري هو رجل الثقة أينما كان سواء في الغربة أو في الداخل.

***

عملياً، إنَّ إدارة الأزمة منذ وقوع الشغور في موقع الرئاسة الأولى، كان ولا يزال على عاتق الرئيس الشاب:

فمنذ بشرى المكرمة السعودية للجيش اللبناني وصولاً إلى تغطية الخطة الأمنية سواء في البقاع أو الشمال، فإنَّ هذه البصمات واضحة للعيان، ولولا الغطاء الذي وفَّره، ولو بصمتٍ، لكانت الأمور إلى المزيد من التدهور.

***

يُدرِك الرئيس سعد الحريري أنَّ الملفات تتكدَّس والإستحقاقات تزداد صعوبةً. هو العارف ببواطن الأمور، خصوصاً أنَّ شبكة إتصالاته تمتد إلى معظم عواصم القرار:

فهو يعرف قبل غيره وأكثر من غيره، أنَّ إستحقاق رئاسة الجمهورية دخلت وتداخلت فيه عوامل عدة، منها الإقليمي ومنها الدولي.

وهو يعرف قبل غيره وأكثر من غيره، أنَّه طالما لا إنتخابات رئاسية في المدى المنظور، فلا حكومة جديدة ولا قانون إنتخابات نيابية جديدة ولا مجلس نواب جديد ولا قائد جيش جديد ولا تعيينات إدارية ودبلوماسية جديدة.

وهو يعرف قبل غيره وأكثر من غيره، أنَّه طالما حال المراوحة على ما هي عليه فسيظل التراشق والتناتش وتبادل الإتهامات. وبناءً عليه فإنَّ البقاء في الخارج يبقى أجدى وأكثر فاعلية من التواجد في الداخل مع كلِّ هذه المراوحة.

***

وأكثر من ذلك فإنَّ الحضور لا يعني التواجد فقط في بيت الوسط، فكم من المراجع والمسؤولين والسياسيين يتواجدون في مقراتهم في لبنان ولكن من دون أن يكون لهم تأثير أو مجرد حضور. ليس الحضور الشخصي هو الذي يُعتدُّ به، بل الحضور الوطني والسياسي وحضور الموقف المناسب في الوقت والتوقيت المناسبين. ومن هذه الزاوية فإنَّ الرئيس سعد الحريري حاضرٌ دائماً، والحضور الأقوى سيكون حين تنضج الإستحقاقات، بما يعني أنَّ عودته الموعودة لن تكون قبل أن توضع طبخة رئاسة الجمهورية على نار حامية فتكون هذه العودة مؤشراً إلى أنَّ الرئاسة باتت قريبة جداً، وهو سيكون في لبنان حتماً، لا للمشاركة في العملية الإنتخابية فحسب بل لأنَّ الإستشارات النيابية الملزمة ستسميه لتشكيل حكومة العهد الأولى.

***

هكذا، سعد الحريري، يكون حاضراً في الوقت المناسب، إلاّ إذا تدهورت الأمور نحو الأسوأ سترونه صباحاً باكراً بيننا.