عند الساعة السابعة والنصف من صباح أمس الثلاثاء، الثامنة والنصف بتوقيت بيروت، كان الرئيس الفرنسي هولاند ضيف محطة أوروب 1، للحديث عن السنوات الأربع من ولايته الرئاسية في الإليزيه، المقابلة استغرقت ساعة كاملة، ولم تكد تنتهي حتى بدأ الرئيس الفرنسي مواعيده في مكتبه ومن بينها موعدٌ مع الرئيس سعد الحريري.
***
خارجاً من مقابلته التلفزيونية، يُدرِك الرئيس الفرنسي أنَّ إطلالته الإعلامية موجَّهة إلى الرأي العام الفرنسي، فإذا اقتنع بمضمونها يشقُّ طريقه إلى طرح التمديد إنتخاباً، بالتأكيد، وإذا لم يُقنع الرأي العام تكون هذه الشهور هي شهوره الأخيرة في الإليزيه.
إذا حصل التمديد يبقى في القصر، وإذا لم يحصل يكون رئيسٌ فرنسيٌّ آخر في القصر، لكن بالتأكيد لن يكون هناك شغورٌ في الإليزيه.
وعليه فإنَّ اللقاء بين الرئيس هولاند والرئيس الحريري بعد ظهر أمس إنطلق من التفاوت بين بعبدا وباريس، فعند الأم الحنون لا شيء إسمه شغور فيما في لبنان الشغور سيد الموقف، ولقاء الإليزيه انطلق من هذه المعادلة، خصوصاً أنَّه تزامن مع الذكرى الثانية للشغور في موقع الرئاسة اللبنانية.
***
جاء لقاء أمس بعد شهر تماماً على زيارة هولاند لبيروت في 16 و17 الشهر الماضي، وآنذاك كان اتفاق على أن يضاعف الرئيس هولاند إتصالاته مع دول المنطقة وخارجها من أجل إنضاج الإستحقاق الرئاسي اللبناني، وما اللقاء في الإليزيه مع الكاردينال الراعي إلا استكمالاً لهذا السياق.
***
حصل اللقاء أمس ولكن ماذا بعد؟
الرئيس سعد الحريري سيكون منهمكاً بما تبقَّى من إنتخاباتٍ بلدية في الجنوب والشمال، يعنيه الجنوب بعاصمته صيدا، بمقدار ما يعنيه الشمال بعاصمته طرابلس، بمقدار ما عنت له بيروت والبقاع في المرحلة الأولى، بمقدار ما عنى له جبل لبنان الأحد الفائت، لكنها انتخابات بلدية واختيارية وتنتهي، فماذا بعد ذلك؟
هناك إعادة تكوين سلطة يجب أن يتكوَّن، وما عدا ذلك من التفاصيل، صحيحٌ أنَّ البلديات مهمة ولكنها ليست نهاية الدنيا، إنَّ التلهي بهذا الإستحقاق من دون التلفت إلى ما بعده، من شأنه أن يُبقي الوضع على ما هو عليه، لنتذكَّر أنَّه قبل الإنتخابات البلدية منذ مطلع هذا الشهر كانت هناك مجالس بلدية لكن معظمها لم يكن يعمل، جاءت الإنتخابات البلدية الحالية فعادت معظم المجالس البلدية وكأنَّ هناك تمديداً وليس إنتخابات، فهل من مراقبة جدية لمثل هذه المجالس؟
***
إذا لم يكن الأمر كذلك فإنَّ هذا الإختبار الديمقراطي يُخشى أن لا يكون قد حقق الغاية من إجرائه، ومع ذلك فإنَّ العبرة تبقى في الإستحقاقين الأكثر أهمية:
الرئاسي والنيابي، فمن دونهما يبقى الإستحقاق البلدي والإختياري.
من أجل ذلك كان الرئيس الحريري في الإليزيه أمس.