نصيحة (من القلب ام من العقل؟) الى سعد الحريري… لا تعد!
الهالة السياسية تزعزعت، الهالة المالية تهاوت. لست انت من يقول «لا» او «نعم» في رئاسة الجمهورية. في الداخل، داخل تيار المستقبل الذي لعله بات تيار الماضي، ثمة من هم اقرب الى البلاط من الشيخ سعد.
وزراؤه ونوابه قالوا لنا انه عائد في الاسبوع المنصرم، ثم قالوا انه لن يعود قبل جلسة 28 ايلول. اثقال كثيرة على كتفيه. لا احد الى جانب سعد الحريري. هل صحيح ان فؤاد السنيورة قال له «تتفوه باسم ميشال عون وانا اتفوه بكلمة… وداعا»؟
كلام وليد جنبلاط الذي يقول اعداؤه (اعداء السر واعداء العلن) انه ينتظر جثث كل السياسيين على ضفة النهر، انفجر داخل تيار المستقبل، من ادناه الى اقصاه. قال آسفا (آسفاً؟) ان حليفه الاقوى يزداد ضعفا…
يزداد؟ القنبلة التي دمرت الحريري الذي بتنا على دراية تامة بالكيفية التي يتعامل بها البلاط معه. ومعلوماتنا ان ثمة جهة تبذل المحاولة الاخيرة، ان نجحت عاد الينا نصف الحريري، ان لم تنجح من الافضل له ان يبقى حيث هو في باريس او في سردينيا، في صحراء الربع الخالي او في جبال الالب…
ذات شتاء، افضى به التزلج على الثلوج نزولا الى كسر ساقه. ماذا سينكسر هذه المرة اذا حاول التزلج على العباءات صعودا؟ الوضع بات معقدا جدا. الشيخ سعد لا يستحق كل هذا، وهو الذي دفعته الصدفة، بكل ابعادها التراجيدية، الى السياسة ليغدو، بعد حين، الضحية التراجيدية، الضحية الاغريقية، للصدفة.
حين يقول جنبلاط، الآتي من اقاصي السياسة ومن اقاصي التاريخ (اسألوا حجارة القصر) ان الحريري يزداد ضعفا، انما يقول له بالفم الملآن…لا تعد!
التقينا به اكثر من مرة. لا نتصور ان ثمة منطقة رمادية في شخصيته. لا تنسوا انه ذهب الى دمشق، وانه كان جاهزا للتسوية الكبرى التي تضع حدا لطريق الجلجلة لان الواقعية السياسية (المثالية السياسية) تفترض ذلك، قبل ان يصله الفرمان السلطاني «لا توقع». لم يوقع، وكان الوقوع الذي لا ينساه ابدا على باب المكتب البيضاوي في البيت الابيض…
اذا كان يأتي ليزداد ضعفا، أليس الاجدى له ولنا الا يعود، واذا كان يأتي ليزداد قوة فنحن معه ليبادر الى ازالة الطفيليات التي في بيت الوسط، وحيث الذين ترعرعوا، بكل تلك الوصولية الفظة، على اطباق الكافيار، وهم الذين ولدوا على اطباق الفلافل، يرثون الان لحال سعد الحريري…
لم يعودوا يقولون «الشيخ سعد» ولا» دولة الرئيس». الرجل طيب القلب كثيرا، ولا يعرف ان العديد من قارعي الطبول بين يديه كانوا ذات يوم ناقري الدفوف عند غازي كنعان ورستم غزالي…
كان يأمل ان يعود ومعه اسم ميشال عون. الفرنسيون، وبالرغم من كل تلك الديبلوماسية الرثة في عهد فرنسوا هولاند، قاموا بمسعى ما لكسر المراوحة قبل ان تنكسر الدولة في لبنان. إن عاد خاوي الوفاض ليردد ما يقوله احمد فتفت وجان اوغاسبيان على مدار الساعة، وحتى قيام الساعة، الافضل ان يبقى للكثيرين حلما…
اشرف ريفي قال ان سعد الحريري انتهى. من اين تأتي رصاصة الرحمة؟ الرجل لا يستحق كل تلك الفظاظة، وكل تلك الخناجر في الظهر وفي الصدر وفي الخاصرة. من يقول في الحريري ذلك، يقول في نهاد المشنوق انه حصان طروادة. يقول اكثر. وزير الداخلية يعلم. واثقون من انه ضنين بسعد الحريري، وببقاء سعد الحريري. الاخرون في التيار بدأوا في الاصطفاف الاخر…
كثيرون يعلمون ما يقال في السعودية حوله، ليس بسبب «سعودي اوجيه» فقط، وليس فقط لطرحه اسم سليمان فرنجية للرئاسة والى اين انتهى الامر بذلك، وانما من اجل اشياء اخرى واخرى. اما اللبنانيون الذين يعنيهم لبنان، فيقولون ان سعد الحريري الذي إن لم يكن صورة عن ابيه، فهو لا يمت بصلة الى ذئاب الطائفية او المذهبية الذين يشيعون حوله ما يحكى وما لا يحكى…
نتصور ان سعد الحريري قرأ وتأمل في ما قاله وليد جنبلاط. ان لم تعد قويا، وتزداد قوة، ابق حيث انت. دع الاخرين حولك يأكلون بعضهم البعض بدل ان يأكلوك…