بعيداً من التزلف والتزييف وبقراءة هادئة وموضوعية، لا شك أنه سيبرز لأي متابع للحالة الحريرية الآنية، سحر اسمه سعد الحريري.
هذا السحر ولّد غيابه عن البلاد أزمة لدى محبيه أولاً واللبنانيين أجمعين ثانياً (وإن تنكر بعضهم للأمر).
.. قبل مجيئه بيوم واحد كان جمهور رفيق الحريري عاتباً ومنتقداً بشكل لاذع أحيانا، وكثير منه شفى غليله بنشر صور الشهيد المؤسس للبنان الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عند الاعلان عن وصول ابن الشهيد تغيّر المزاج بلحظة ونُسفت كل «البوستات» و«التويتات» الجارحة.
ولعل المحبة قد برزت بأبهى حللها في البيال وأكثر في طرابلس التي تفاجأ أهلها بوجود زعيمهم بينهم بعد غياب، يسبّح الله معهم ويجدد اقتسام الخبز والملح في فيحائهم.
..إن هذا الود المتبادل بين الحريري وناسه، حقيقة لا يحب كثيرون أن يروها، لكنها ستبقى ساطعة كالشمس في قلب السماء الزرقاء، وبالتالي فان العلاقة بين الزعيم الابن وجمهوره لا يعرف تفسيرها أحد سوى الخالق، اذ أن الزعامة هنا من نوع آخر، فهي لا تقاس بمال ولا بمصالح شخصية بقدر ما تقاس بعاطفة غريبة وخاصة، أي لا مثيل لها.
وفي استعراض لكل الزعماء وجماهيرهم، يتجلى الحب ولكنه كثيراً ما يكون ممزوجاً بوظيفة ومصلحة هنا وخوف هنالك.
وعليه، فإن مشكلة جمهور الحريرية السياسية، ليست مع الشخص بطبيعة الحال بل مع غيابه القسري عنهم.. وعلى كلٍّ فهو قد أتى اليهم في أصعب الظروف وكان لقاؤه بهم حميمياً على عكس ما راهن البعض.
هذا البعض الذي يبدو معذوراً، لأنه اعتاد على أن الزعامة في لبنان غالباً ما تُنتزع نزعاً من الرعية التي تظهر وكأنها تستجدي حقاً من هنا وقطعة أرض موروثة من هنالك.
وفي الخلاصة، يتبين أن ابن رفيق الحريري قد عاد مجدداً الى الجذور وقرر أن يواجه كل التهديدات والعراقيل الأمنية التي كانت تعترضه، عبر بقائه بين الناس على الرغم من كل الصعوبات، والاعتناء بهم بشكل أفعل وذلك بخطوات سياسية وانمائية، كي تبقى شجرة الأب مروية وتتفرع أكثر في كل الأرجاء.