IMLebanon

لبنان: يسقط الرئيس.. و«يحيا سعد»!  

 

أي زعيم سياسي أمامه خياران، إمّا أن يلعب لعبة السلطة أو يكون مع الشارع.

 

وما فعله سعد الحريري منذ 48 ساعة أنّه اختار أن يكون رجل الشارع اللبناني وليس رجل السلطة اللبنانية.

 

الكلمة القصيرة التي ألقاها الحريري من قصر بعبدا، عقب لقائه الـ18 مع رئيس الجمهورية ميشال عون أكد للجميع أنّ سعد رفيق الحريري، رئيس الوزراء المكلف سياسياً وشعبياً لتشكيل الحكومة اللبنانية قد انحاز الى مطالب الشعب.

 

الشارع في لبنان منذ ثورة اكتوبر 2019 يريد حكومة إختصاصيين، غير حزبية غير طائفية بعيدة عن صيغة المحاصصة التقليدية.

 

الشارع في لبنان كفر بنادي الساسة التقليديين الذين أدمنوا الفساد والسلطة والمحاصصة والغش والخداع وتزييف الواقع ونشر الضلالات.

 

الشارع في لبنان اختار شعاراً عبقرياً اختزل فيه كل مطالب الناس وهو «كلكن يعني كلكن» أي «كلكم يعني كلكم» بلا استثناء.

 

أدرك الناس بحسهم السياسي الفطري أنّ تحرير البلاد والعباد يجب أن يبدأ من نهاية العائلات الإقطاعية التاريخية التي تتوارث السياسة والمال والأمن منذ مائة عام بشكل متتالي.

 

والذي كان مطلوباً من سعد الحريري أن يستمر في تلك اللعبة المستمرة التي تقوم على تسليم البلاد والعباد لمصاصي دماء البشر.

 

رفض سعد الحريري الآتي من خارج نادي الساسة اللبنانية أن يكون أداة ضمن لعبة ذبح الشعب اللبناني.

 

رفض سعد الحريري مشروع توريث ميشال عون الرئاسة لجبران باسيل.

 

رفض سعد الحريري حكومة سياسية توزّع المال العام بفساد على الساسة كل حسب حصته في الحكم.

 

رفض سعد الحريري الإستمرار في لعبة أنّ كل شيء يسير بخير في البلاد إنطلاقاً من مبدأ تأجيل إعلان كارثة الإنهيار الاقتصادي المتراكمة منذ سنوات.

 

رفض سعد الحريري أن تتم معالجة لبنان للمريض من خلال مرضى أكثر منهم وأصرّ على استحضار الأطباء المتخصصين المدركين لثلاثية التشخيص، العلاج، المتابعة بفهم وشرف.

 

الأسهل لدى سعد الحريري أن يلعب اللعبة مع عون وباسيل و»حزب الله»، لكن الرجل اختار أن يراهن على الشارع والتاريخ والمنطق.

 

فاتورة قد تكون مكلفة للغاية لسعد الحريري، قد تضع أمنه الشخصي في أعلى درجات الخطر، لكن جنون مرحلة حكم ميشال عون أورثت الناس مبدأ «لا شيء يهم»، وليس بعد الموت موت!

 

لبنان هو الدولة الوحيدة في العصر الحديث القادر على أن يعيش سنوات بلا رئيس للجمهورية، وسنوات أخرى بانتظار إنتخابات برلمانية، وسنوات أخرى بانتظار تشكيل حكومة!

 

إنهما خياران متناقضان: خيار أن يتم حكم لبنان كوطن مستأجر من قِبَل مالك أجنبي يسكن في طهران، أو أن تحكم لبنان لحساب مصلحة سكانه الأصليين الحقيقيين وهم الشعب اللبناني.

 

اختار سعد الحريري -هذه المرة- بما لا يدع مجالاً للشك أن ينحاز بشكل واضح لا يرقى إليه الشك مع صراخ ومطالب شعبه، بينما اختار الرئيس عون وصهره وحزبه تنفيذ مشروع إيران الإقليمي.

 

لذلك كله سوف يدخل الرئيس عون التاريخ من بوابة الخيار الإيراني، بينما سوف يدخل الرئيس الحريري من بوابة الخيار اللبناني.

 

لذلك كله سوف يهتز لبنان من الآن وصاعداً بهتاف يقول «يسقط حكم المرشد» و»سعد سعد يحيا سعد»..!