من يسمع كلام الدبلوماسيين والمبعوثين العرب في اروقة القصر الجمهوري لا يصدق ان دولهم تريد سعد الحريري رئيسا للحكومة … سفير احدى الدول المهمة في المنطقة قال بصريح العبارة وحرفيا امام مرجع لبناني رسمي ان « دولته لا تؤيد الحريري ولكن ليس لدينا حاليا بديل عنه».
المفارقة هنا، ان هذا الكلام يختصر مجمل الموقف العربي من الحريري، والمفارقة ايضا ان الداخل اللبناني وتحديدا الثنائي الشيعي يبدي تعاطفا مع الحريري اكثر من اصدقائه المفترضين، تقول مصادر قيادية في الثنائي اننا «نتعامل مع الواقع كما هو، الحريري رئيس مكلف لتشكيل الحكومة ونحن نتفهم وضعه الصعب حاليا رغم عرقلته الواضحة لتشكيل الحكومة واجهاض كل المبادرات، فالرجل يحتاج الى ضمانات داخلية ورضا اقليمي وعربي ودولي قبل تسهيل تشكيل الحكومة…في النهاية، الحريري يريد حكومة قادرة على نيل التسهيلات المالية الكفيلة بحل الازمة الاقتصادية ومواجهة انفجار «رفع الدعم»، ولو كنا في ظروف طبيعية لكان شكل الحكومة منذ اليوم الاول».
عليه، يبدو جليا ان الحريري بنظر الثنائي «مجبر لا بطل» على المراوغة والمماطلة في تشكيل الحكومة … يبدو ايضا ان الثنائي ما زال يؤمن للحريري السند السياسي الداخلي لاستمراره على سدة التكليف وبعيدا عن خيار استبداله الذي طرحته اوساط عربية في لقاءاتها مع مسؤولين لبنانيين من باب جس نبض الثنائي تحديدا لا سيما وان موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري واضح لجهة تاييد تكليف الحريري وتسهيل تشكيل حكومة برئاسته.
اكثر من ذلك، فان الثنائي ما زال يعطي املا ولو ضئيلا بامكانية تشكيل الحكومة في لحظة تقاطع «اقليمي-دولي -عربي» قد تطول بحسب توصيف مصادره القيادية لستة اشهر اخرى او قد تحصل خلال اسابيع قليلة، ولكن على الضفة المقابلة تجزم مصادر دبلوماسية عربية رفيعة المستوى بأن «لا حكومة في لبنان، نحن لم نعد مؤيدين لبقاء الحريري رئيسا للحكومة ولسنا معارضين ايضا، ولكننا لسنا بوارد تقديم اي بديل حاليا».
ولكن هل من اسماء بديلة قيد التداول ؟ ترد المصادر: «نحن نتحفظ حاليا عن الاجابة».
قد يبدو مستغربا جدا ان يصدر هذا الكلام الخطير عن اصدقاء مفترضين للحريري، وحدها القاهرة ما زالت الاقرب الى خيار دعم الحريري «ظالما كان او مظلوما»…فرنسا التي اظهرت بكل وضوح انحيازها للحريري على حساب كل الافرقاء الاخرين، مشت هي الاخيرة في موكب الموافقين على استمرار تكليفه بتاليف الحكومة لغياب البديل فقط وليس حبا به او تاييدا له كالاقوى بطائفته.
بصريح العبارة، يبدو طريق تشكيل الحكومة مقفلا بعوائق داخلية لن يحلها الا توافق «اقليمي -دولي-عربي» قد يحصل او لا يحصل في وقت قريب … من هنا لا يستسيغ الثنائي التعويل على التحركات العربية، وفق مفهومه يكفي الاتعاظ من التجربة الفرنسية التي فشلت في تدوير زوايا الازمة الحكومية حتى الان، مثلها مثل ما يحكى عن عقوبات وضغوطات فرنسية واوروبية وتهديدات مصرية.