اليوم يتمّم الرئيس سعد الحريري الشهر السابع على تكليفه تأليف الحكومة، فيما سيلقي كلمة في مجلس النواب في الجلسة المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المجلس حول التأخير في التأليف الذي يحمّله للحريري. في حين لم يُسجّل أي جديد حكومياً، في انتظار ردّ الحريري على مضمون رسالة عون، ونتيجة المناقشات في المجلس الذي سيشهد انقساماً بين مؤيد لموقف رئيس الجمهورية وآخر مؤيد للرئيس المكلف، علماً أن لا مفاعيل دستورية للرسالة ملزمة للمجلس. ومع ذلك تبقى مبادرة رئيس المجلس نبيه بري وطرحه تأليف حكومة من 24 وزيراً بلا ثلث معطّل لأي فريق قائمة، وما زالت تشهد تأييداً ودفعاً داخلياً وخارجياً، وآخر دعم علني لها ولجهود بري كان الدعم المصري المُجدّد، الذي عبّر عنه سفير مصر ياسر علوي لدى زيارته عين التينة أمس.
هناك شبه إجماع سياسي على أنّ عون هو من يُعطّل تأليف الحكومة، متمسكاً بـ»الثلث المعطِّل» تارةً وضاغطاً على الحريري في حينٍ آخر لكي يتواصل مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. وتقول مصادر عدة من تيار «المستقبل» وحركة «أمل» وحتى من «الحزب التقدمي الاشتراكي»، إنّ عقدة التأليف: «إحكي مع تيريز»، تيمّناً بقول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «قوم بوس تيريز»، أي باسيل.
في المقابل تنفي أوساط قريبة من عون هذا الاتهام، مشيرةً الى أنّه منذ تكليف الحريري في 22 تشرين الأول 2020، وهو يتحاور معه في هذا الشأن، وما زال يدعوه الى التوجه الى القصر الجمهوري للاتفاق على تشكيلة وزارية تراعي الميثاقية والشراكة الوطنية والاختصاص، إلّا أنّ الحريري يصرّ على تشكيلة الـ18 وزيراً التي سبق أن قدّمها الى عون والتي لا تراعي هذه المبادئ. وتؤكد هذه الأوساط أنّ رئيس الجمهورية وافق على حكومة الـ24 وزير من دون ثلث معطّل وأنّ الحريري يعرف ذلك، لكنه يرفض أن يتجاوب مع هذه الصيغة أو أي صيغة جديدة.
لكن بالنسبة الى فريق الحريري، إنّ التجارب مع عون خلال مسار التأليف «فاشلة وغير مشجعة»، ويرى أنّ عون ومن خلفه باسيل هدفهما «السيطرة على الحكومة والتحكّم بقرارها بشكل أو بآخر، وتأمين موقع سلطة وقرار لباسيل، خصوصاً أنّ هذه الحكومة قد تكون حكومة انتخابات، فضلاً عن أننا ما زلنا نعاني منطق التعطيل المبني على طريقة التوريث»، معتبراً أنّ عون «إمّا يريد التحكّم بالحكومة أو اعتذار الحريري». وترى مصادر نيابية في «المستقبل» أنّ هناك تلاقي إرادتين، عونية ـ باسيلية للسيطرة على الحكومة على وقع الاستحقاق الرئاسي وإرادة إيرانية بعدم السماح بالتفريط بالورقة اللبنانية في ظلّ المحادثات حول الاتفاق النووي. فلو كان «حزب الله» يريد أن تكون هناك حكومة لولدت منذ زمن».
في المقابل تقول أوساط قريبة من عون: «لا جديد على الصعيد الحكومي لأنّ الحريري مسافر بنحوٍ دائم»، مشيرةً الى أنّ عون «ناشَده ودعاه أكثر من مرة. وأكدت أوساط القصر أنّ الرئيس لا يخطط لدفش الحريري الى الاعتذار، بل هو ينتظر الحريري لكي يعيد النظر في التشكيلة التي سبق أن قدّمها». وترى أنّ الكلام عن محاولة عون دفع الحريري الى الاعتذار «جزء من البروباغندا وحملة الأوركسترا التي تعمل على توجيه تهمة التعطيل الى الرئيس عون». وتعتبر أنّ «عقدة التأليف الحقيقية ليست في أي وزارة أو حجة من الأخبار الملفّقة التي تُشيع، بل بعدم رغبة الحريري في إعادة النظر في التشكيلة التي قدّمها الى عون والتجاوب مع الأسس التي طرحها الرئيس وتحقق الشراكة الوطنية الفعلية. فالحريري لا يريد التجاوب مع الدعوات كلّها التي وُجّهت إليه».
وعلى رغم من الرسالة التي وجّهها عون الى مجلس النواب في ما يتعلّق بالتأخير في التأليف واضعاً اللوم في ذلك على الحريري، والاستنكار السياسي الذي لقيته هذه الرسالة لأنّها «لن تؤدي إلّا الى مزيدٍ من الانقسام»، إلّا أنّ هذه الرسالة بالنسبة الى رئيس الجمهورية، هي لوضع النواب أمام مسؤولياتهم ولتحريك التأليف وهي «لا تلغي الوساطات، بل قد تتكاملان، أو قد تكون دافعاً الى تحريك الوساطة أكثر وبالتالي التأليف».
وعلى خط الوساطة والمبادرات، تتربّع مبادرة بري التي تقضي بتأليف حكومة من 24 وزيراً بلا ثلث معطّل لأي طرف، وتقول أوساط متابعة لمسار التأليف من حركة «أمل» ومن تيار «المستقبل»: «إنّ الحريري قد يكون متخوّفاً من إعلان موافقته على هذه المبادرة، إذ لم يوافق عون رسمياً عليها، وهناك تجارب للحريري مع عون في تراجع الأخير عن اتفاقات تمّت بينهما خلال لقاءات التأليف». إلّا أنّ الأوساط القريبة من عون تؤكد أنه «وصل للحريري أكثر من تأكيد عبر «سعاة الخير» في هذا الموضوع، وهو يعرف موقف الرئيس تمام المعرفة وأنّ الرئيس عون يسير في حكومة من 24 وزيراً بلا ثلث معطِّل، وأكثر من جهة سَعت لدى الرئيس وأبلغها موافقته على هذا الطرح والحريري يعرف ذلك. وبالتالي، هذه حجة ساقطة وتذرّع ساقط لأنّ الرئيس المكلف يعرف موقف رئيس الجمهورية من حكومة الـ 24 والثلث المعطِّل، وجميع الوسطاء الذين دخلوا على الخط وسعاة الخير يعرفون ذلك وأبلغوا الى الحريري أنّ هذا هو موقف عون النهائي والواضح».
لكن جهات عدة ما زالت تؤكد أنّ عون يسعى الى «الثلث المعطل»، ومنها جهات من خارج فريق الحريري، مثل حركة «أمل» التي عبّرت عن ذلك في البيان الصادر بعد اجتماعها الأخير. على ذلك ترد الأوساط القريبة من عون، بالقول: «عنزة ولو طارت». وترى «أنّهم أخذوا موقفاً ويعملون عليه كجزء من الخطة الممنهجة المعتمدة لتحميل الرئيس عون مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، وهي غير محقة أو صحيحة، فرئيس الجمهورية دعا الحريري أكثر من مرة الى القصر الجمهوري، للتحدث والتفاهم على التركيبة الحكومية على أسس الشراكة والميثاقية والتوازن والاختصاص الفعلي، إلّا أنّ الحريري ترك تشكيلة الـ18 وذهب ولم يعد، ومن الواضح أنّه لا يريد التأليف».