لم تتمكن مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري حتى اليوم، من تأمين بعض فرص نجاحها، وفي مقدّمها تأمين هدنة سياسية ـ إعلامية بين القصر الجمهوري والبيّاضة من جهة، و «بيت الوسط» من الجهة المقابلة، وحيث ما زال كل فريق يتمترس خلف قناعاته ومطالبه، وكأنه لا يضع في أولوياته الوصول إلى الحد الأدنى من الحلحلة للعقد المطروحة، إنما يعمل عند بروز أي إيجابيات الى استنباط عِقَد جديدة، وذلك في محاولة مفضوحة لإحباط مبادرة بري من أساسها، في الوقت الذي يحمّل فيه كل طرف الطرف الآخر مسؤولية نسف آخر فرصة متاحة لتأليف الحكومة العتيدة.
وفي هذا السياق، كشف مصدر نيابي «مستقبلي»، أن الرئيس المكلّف سعد الحريري، لم يتلمّس حتى يومنا هذا أي جدّية لدى الفريق الآخر لإيجاد أرضية صالحة للبحث الفعلي في عملية التشكيل، لا سيما بعد الاجتماع الأخير الذي عقده النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، ورئيس جهاز الارتباط في حزب الله وفيق صفا مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مشيراً إلى أن الإتهامات التي سيقت بحق الحريري بعد هذا الاجتماع، لا تشجّع ولا تنبئ بوجود نيات حقيقية لتشكيل الحكومة العتيدة، والخروج من حال الانسداد السياسي الخطر الذي تواجهه الساحة الداخلية، وخصوصاً أن خطر الانفجار الاجتماعي أصبح داهماً في ظل الاستخفاف الظاهر من قبل السلطة الحاكمة تجاه ما يحصل على الأصعدة المالية والاقتصادية والمعيشية.
وفي هذا المجال، كشف المصدر النيابي نفسه، عن محاولة تكريس أعراف جديدة يعمل لإرسائها فريق رئيس الجمهورية، وذلك على الرغم من الليونة التي أبداها الحريري تجاه مبادرة بري، وإعلانه للوسطاء الذين زاروه بأنه ينتظر تذليل كل العقد، لكي يتقدّم بتشكيلة حكومية جديدة إلى رئيس الجمهورية في قصر بعبدا. لكن المصدر النيابي ذاته، استدرك، أن الرئيس المكلّف قد شعر في الآونة الأخيرة، أن هناك محاولة تجري من أجل إرساء أعراف في عملية تأليف الحكومة، محذّراً من خطورة هذا الأمر على الدستور اللبناني بشكل خاص، وذلك بالنسبة للعرف الطائفي المتمثّل بمنع رئيس الحكومة من تسمية الوزراء المسيحيين، وكذلك، لفت إلى عرف ثانٍ يتكرّس يوماً بعد يوم عبر الممارسة، حيث يظهر للجميع أن رئيس الجمهورية، ليس رئيس جمهورية كل المسيحيين، إنما رئيس جمهورية «التيار الوطني الحر» أو مسيحييه فقط.
وقال المصدر النيابي، أن بدعة جديدة قد ظهرت في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى هذه الأعراف، وهي طرح «التيار الوطني الحر» بأن يسمي «المجلس الوطني للإعلام» الوزيرين المسيحيين. وبالتالي، اعتبر المصدر النيابي المستقبلي، أن عقدة جديدة لا تزال تحول دون نجاح اجتماعات الوسطاء مع رئيس «التيار الوطني الحر»، وتمحورت حول رفض باسيل أن يمنح نواب «تكتّل لبنان القوي» الثقة لحكومة الحريري مهما كان شكلها.
وعليه، يؤكد المصدر نفسه، أن جواب الرئيس المكلّف واحد ولم ولن يتغيّر أبداً، وهو أن عملية تشكيل الحكومة تجري بالاتفاق بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، وليس بين أطراف أخرى، وفي قصر بعبدا بالذات، وليس في أي مكان آخر. وبالتالي، فإن الحلّ الأول والأخير هو الدستور والعودة إلى نصوصه واحترامه.