ليس مطلوباً في لبنان قيام حكومة اختصاصيين من نظيفي الكف واللسان.
وليس مقبولاً ان نحظى بسلطة تنفيذية تتولى وضع البرامج واتخاذ القرارات لإخراج البلد من ازماته وكشف الفاسدين والقتلة، ممن تسببوا بكل المآسي المتراكمة منذ نحو عامين ويتحملون مسؤولية تفجير بيروت ومرفئها قبل أقل من عام بقليل.
ومع ان مثل هذه الحكومة تحولت مطلباً شعبياً لبنانياً وعنواناً لبيانات الدول وتصريحاتها ومواقفها، ابتداء من قطر وصولاً الى مجلس الأمن الدولي، لأنها المدخل الوحيد الى المعالجات والحلول، فإن في لبنان من يماطل ويجادل ويمنع ويحلل ليس فقط لمنع ولادتها، وانما لفرض تسخيف معنى السلطة التنفيذية، واستطراداً معنى كل المؤسسات الدستورية المنتخبة، بدءاً من مجلس النواب مروراً بالحكومة وصولاً الى رئاسة الجمهورية. وفي هذا المسار التدميري يتم العمل لشل القضاء ونسف دور قوى الأمن وتجويع الجيش، وهز الثقة بكل ركائز لبنان الصحية والتعليمية والثقافية ما يجعل الهجرة هدفاً، وترك هذه الارض نهباً لمعسكرات اقليمية ومعسكراً مفتوحاً للطارئين وشذاذ الآفاق.
لم يبدأ مسار المنع والتعطيل بعد الأزمة القائمة والمستفحلة، هو يعود الى سنوات، واستفحل بعد اغتيال رفيق الحريري. صار التمديد والتجديد للمجلس النيابي قانوناً، ومنع قيام الحكومات ضمن المهل المعقولة شطارةً سياسية، وإقفال البرلمان لفرض الفراغ في الرئاسة وتسمية المرشح الأوحد، مسدساً في رأس أصحاب الخيارات الأخرى.
في الاثناء أُفرغت نتائج الانتخابات النيابية من معناها. لم يعد للموالاة والمعارضة اي معنى، لا في المجلس ولا في الحكومة. بات القرار ببساطة في مكان آخر، تجري مداراته في أغلب الأحيان خوفاً أو تزلفاً. تكررت تجربة الوصاية السورية من دون سوريين. وفي النهاية أصبح لدينا رئيس قوي ” لم يخلّوه”، ورئيسان للحكومة واحدٌ مكلف بالتصريف… وآخر مكلّف بالإعتذار !