لم يكن الرئيس الحريري مُقنعاً. صحيح ان “جلسة” المقابلة كانت ناقصة، لكن اكتمالها بالأركيلة لم يكن ليضيف على المواقف إلا دخاناً إضافياً.
لم يأتِ الرئيس المعتذر بجديد حين ألقى مسؤولية عدم التشكيل على رئيس الجمهورية. فساكن بعبدا “مَلك” التعطيل المتوَّج وصاحب السبق في إغراق البلاد بالأزمات والانهيارات منذ ارتكبت “الخطيئة الأصلية” بتسليمه رئاسة حكومة انتقالية. وكل من أعاد التجربة معه ملزم بآلاف الصَدقَات علَّه يحظى برأفة يوم الحساب.
في رقبة الرئيس الحريري تأخير تسعة أشهر. ذلك انه ممنوع على ابن الشهيد رفيق الحريري أن يتخلى عن موقع “أم الصبي” حين يكون طالبُ قسمته مَن لا يأبه للعواقب ويعتبر توريث الصهر أهم من حياة “الصبي” وبقاء البلد. أخطأ بترشيح نفسه بعنجهية “بلا جميلة حدا” ولم يدرك ان لمبادرة ماكرون بعد جريمة 4 آب “مومنتوم” يصبح تخطيه مغامرة سياسية لا يركبها مبتدئ فكيف بصاحب خبرة عضو في “نادي الأربعة” ومحاط بالمستشارين.
أضاع عون والحريري على اللبنانيين وقتاً ثميناً وقاتلاً انهارت فيه الليرة وتم السطو خلاله على الودائع، وكأنهما أتاحا عمداً للعصابة الحاكمة ان تستكمل زعرنتها فتتابع تحويل الأموال وتبدأ النهش من الاحتياطي الإلزامي محولة اللبنانيين متسولين للوقود والدواء بعدما نكبتهم بالبطالة وباتوا حالمين بتأشيرة الى بلاد الله الواسعة. ولم يسعف التشكيلَ تحوُّل الرئيس المكلف الى “ابن بطوطة” يضرب في الآفاق للحصول عبثاً على الترياق، فيما كان الاجدى ان يكون أدرى بـ”شعاب مكة” حافظاً عن ظهر قلب معنى “الله يوفقو”.
من حق الرئيس الحريري الاعتذار تحضيراً للانتخابات، بيد ان تدشين الحملة بقطع “سني” للطرقات ما كان موفقاً لأن “العرض محدود” و”الدم السني” يجب ان “يغلي” لإنقاذ لبنان كلّه من المنظومة الفاسدة كلّها وقيام الدولة والحفاظ على “الطائف” وليس للهدر في لعبة الأنانيات والمحاصصات والاستثمار في صناديق الاقتراع.
كانت “أم المقابلات”. صحيح انها وقعت في فخ “قللي وقلتللو” لكنها أظهرت حقائق وأدت الى استنتاجات وأثبتت أن الرئيس الحريري ملزم بإجراء مزيد من “المراجعات” أقله للإقلاع عن “نظرية التضحية” التي ينافس صديقه السابق جبران باسيل بتمنين الناس بها، وللإمتناع عن اعتبار اللبنانيين غير مستوفين شروط الذكاء بالترويج لـ”كلام حق يراد به باطل” عبر الدعوة الى تحقيق دولي في مجزرة المرفأ تغطية للتحالف مع الرئيس بري ولمؤسسة “ربط النزاع”.
كان الرئيس الحريري بحاجة الى “دورة أركان” بإشراف “ابن الفرزلي” الذي عاب بصلَف غير مسبوق على من سماه “ابن البيطار” أن يستدعي للتحقيق أصحاب الطهر والعفاف من وزراء ونواب، فابتدع خدعة العريضة النيابية للتسويف وتجهيل الفاعل وواكبه من غير احتراف الرئيس الحريري بحجة أولوية معرفة من أتى بالنيترات معفياً نفسه من معركة وطنية وأخلاقية يتوجب خوضها الى جانب أهل الضحايا والجرحى وأصحاب البيوت المدمرة بلا لف ودوران، ونقطة على السطر.