IMLebanon

ولو مع الشيطان

 

عندما يُوجَّه السؤال للمسؤولين في تيار المستقبل عن تحالفات التيار الانتخابية يأتي الجواب:”من المبكر أن نتحدث عن تحالفات قبل الإعلان عن موعد الانتخابات والموقف الذي سيتخذه الرئيس سعد الحريري”.

 

هذا الكلام يؤشّر إلى أن الرئيس الحريري لم يتخذ قراره بعد بخوض الانتخابات أم لا، وقد سمع الذين التقوه او اتصلوا به في إقامته خارج لبنان أن السياسة قد اتعبته وأرهقته وألحقت به العديد من الخسائر على صعد متعددة، حتى أن بعض هؤلاء شعر وكأن الرئيس الحريري يريد شخصياً اعتزال العمل السياسي ولو لم يعلن عن ذلك صراحة.

 

في الواقع لا تخاض الانتخابات من قبل فريق سياسي كتيار المستقبل في الربع الساعة الأخير، لأن وضع هذا التيار اليوم ليس أفضل حالاً مما كان عليه في انتخابات 2018، فشعبيته في صفوف الطائفة السنية تقلصت والعديد من تحالفاته تصدعت وقدرته المالية استنزفت، وبالتالي أصبح الأمر يستلزم جهداً ووقتاً مضاعفين لتعويض بعض الخسائر ووضع استراتيجية واضحة لخوض الانتخابات، واضحة في عناوينها  السياسية والتحالفات لا ربط فيها لنزاعات ولا لتسويات كان ضحيتها الاولى الرئيس الحريري.

 

وفي هذا السياق لفت الكلام الذي قاله الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، عن أن “التحالفات في خوض الانتخابات ستكون مع من يشبهوننا”، فمن هم الذين يشبهون تيار المستقبل؟

 

للمستقبل حلفاء تقليديون نشأوا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وهذه العلاقة التي استمرت مع الرئيس سعد الحريري تتقدم على وجوه الشبه إذا وجدت مع هذين الفريقين السياسيين.

 

وانطلاقا من التحالف مع من يشبهنا، لن يكون إذا بإمكان تيار المستقبل التحالف مع “حزب الله” لا فوق الطاولة والأسوأ إن تم من تحتها، فالمفترض أن ليس بين الجانبين أي وجه شبه او اي إمكان لتفاهم حقيقي ويفترض أيضا بقيادة تيار المستقبل أن تكون مدركة لهذا الواقع.

 

التحالف مع التيار الوطني الحر يبدو لتيار المستقبل كالخطيئة الكبرى التي خسر من خلالها جنة الحكم حتى في الأوقات التي أمضاها الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة، وبالتالي لن يكرر المستقبل خطيئته مرة ثانية، فالبلد كله ينشد الخروج من جهنم.

 

السؤال الكبير يدور حول التحالف مع القوات اللبنانية، والمسألة هنا ليست فقط مسألة توافر شبه في السياسة او بعضها بين الجانبين، بل يبدو أن العوامل الشخصية السلبية بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع قد دخلت على الخط على خلفية العلاقة بالمملكة العربية السعودية، إضافة إلى تباينات سياسية أساسية بين مجموعتين رفعتا شعارات سيادية واستقلالية وانتهت بتبادل اتهامات بالتخلي عن هذه الشعارات وممارستها.

 

طبعا لا شبه بين تيار المستقبل والمجموعات التغييرية والثورة، فهم يرفضونه من منطلق “كلن يعني كلن” وهو يرفضهم من منطلق رفضه لهذا الشعار ولإتهامات بحقه يعتبرها باطلة ومفبركة ومدفوعة من جهات تريد إلحاق الأذى بالتيار الأزرق.

 

في الخلاصة يقف الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل على مفترق طرق لا مجال فيه للوسطية، لأن هذه الوسطية ليست موجودة بين خيار الدولة القوية السيدة صاحبة قرارها وبين اللادولة، وهذا هو وجه الشبه الوحيد للتحالف حتى ولو مع الشيطان.