لم يعلن رئيس الحكومة السابق بنفسه أنه عائد إلى بيروت، أو لم يعلن على الأقل، إذا كانت لديه الرغبة في ذلك، تاريخاً لهذه العودة، وربما يقول البعض إن أسباب عدم الإعلان عن أي موعد قد تكون أمنية.
الذين التقوا الرئيس الحريري في أبو ظبي لم يسمعوا منه أكثر من أنه سيعود قريباً وربما كان الرئيس فؤاد السنيورة هو الذي سمع أوضح جواب في هذا الإطار، إذ قال له الرئيس الحريري بأنه يخطط للعودة إلى لبنان في الأيام العشرة الأولى من العام الجديد.
إنقضت هذه الأيام ولم يحضر الرئيس الحريري، وتضرب المواعيد يومياً لعودته ولكن المعنيين المباشرين بهذه العودة هنا في لبنان لم يتبلغوا بعد أي جديد، وهم كسائر المسؤولين في تيار «المستقبل» ينتظرون قرار الرئيس الحريري لجهتين: العودة والمشاركة في الانتخابات النيابية.
بغض النظر عن تاريخ هذه العودة إذا حصلت، فالأهم هو ما سيعلنه رئيس تيار «المستقبل» لأن الوجود السياسي لهذا التيار على الساحة اللبنانية يعتمد على القرارات التي سيتخذها الحريري. فإن الزيارة للبنان هي فقط من أجل إعلان موقف ثم العودة للمكوث خارج الوطن فستحمل في تداعياتها سلبيات أكثر من الإيجابيات، وإن كان سيعلن فيها عزوفه الشخصي عن خوض الانتخابات فستترك أيضاً علامات استفهام كبرى حول الدور السياسي الذي يريد الحريري أن يحتفظ به لنفسه، فهل سيكون عزوفه عن الترشح عزوفاً عن تولي منصب رئاسة الحكومة؟
إخلاء الرئيس الحريري للساحة إذا حصل بهذا الشكل، فهو لا يشبه بأي شكل من الأشكال خطوة عدم الترشح للإنتخابات التي كان قد أقدم عليها رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، كما لا تشبه قرار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعدم خوض الانتخابات، فكلاهما منخرطان بقوة في العمل السياسي على الساحة اللبنانية ولا يتركان فرصة لأي خلاف أو اشتباك داخل حزبيهما على علاقة بمواقع القوى والنفوذ، من أجل قطع الطريق على فتح أي حديث يتعلق بالوراثة السياسية، ومن أجل عدم الزج بأنصارهما في تكهنات واستنتاجات لا طائل منها سوى زيادة البلبلة.
عودة الحريري إن حصلت ستكون خبراً مهماً بالتأكيد، لكن الأهم هو ما سيعلنه في خلالها وما سيحصل من بعدها، لأن مفاعيلها ستطال كل الحرس القديم لـ14 آذار وهم الدائرة الصغرى التي لا يمكن لتيار «المستقبل» إلا أن يتحالف معها في الانتخابات النيابية المقبلة.