جاءت كلمة الرئيس سعد الحريري، أمس عصراً، لتؤكِّد على المؤكَّد… الرجل لن يُقارب الانتخابات النيابية العامَة، ولكنه لن يُغادر السياسة، والعكس صحيح… فهو باقٍ على الحَلَبَة، وفي الصورة. وفي التقدير والمعلومات أن حضوره السياسي سيكون أقوى وحركته ستكون أقل قيوداً من الماضي كي لا نقول أكثر تحرراً.
صحيح أن سعد الحريري قال كلمته ومشى، ولكنه لم يمشِ من التزامه حب لبنان وإيمانه بالشعب الذي أعطاه ما لم ينلْه زعيم آخر في الشارع اللبناني عموماً والشارع السني خصوصاً، باستثناء والده الشهيد رفيق الحريري.
من السلام عليكم الى الدمعة التي اختتم بها كلامه، كان الرئيس سعد الحريري يجتاح قلوب الناس الذين شاهدوه واستمعوا إليه في الكلمات المعدودة التي ألقاها، من القلب إلى القلب، ومن المعاناة إلى الوجدان…
كلمات قليلة، ولكنها أكثر بلاغةً ووصولاً من المطوّلات والمعلّقات والمجلّدات… ومن خلال المعاينة تبيّن أن التأثر بما أعلنه رئيس الحكومة الأسبق لم يكن وقفاً على المحبين والأصدقاء والمحازبين والأنصار فحسب، إنما طاول أيضاً الكثيرين ممن لم يكونوا معنيين أو مقرَّبين (…).
في الظاهر السطحي يبدو الحريري كأنه طلّق السياسة وليس الانتخابات وحدها، ولكن النظرة الأبعد تشي بأنه باقٍ متجذِّراً في بيئته وفي تجربته اللبنانية التي مهما قيل فيها وعنها، سلباً وايجاباّ، يبقى أساسها قائماً على التوافق وتجاوز التحدّيات وعدم التوقف عند الأحقاد والثأرات.
الحريري « علّق « مشاركته في الانتخابات «موقتاً»، وكذلك انخراطه في اللعبة السياسية، ولكن ابتعاده عملياً غير وارد لأسباب عديدة ليس الآن مجالها…
وهذا الحدَث البارز يحتمل المزيد من البحث والتوقعات والتداعيات…
ويبقى ملحّاً السؤال الآتي: هل أن دولته مقتنع اليوم بأنه أصاب في قرار استقالة حكومته في أعقاب 17 تشرين؟!.