أنا من المقتنعين بأن للرئيس سعد الحريري دوراً لم يكتمل بعد، وبالتالي فهو دور لم ينتهِ ولن ينتهي. والأدوار السياسية في لبنان تستمر عموماً ما دام أصحابها على قيد الحياة… هذه حقيقة نعرفها بمعاصرة بعضها، وبما تلقيناه من التاريخ الذي آلت إلينا وقائعه وتطوراته.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر أن الأمير فخر الدين الثاني الكبير أمير جبل لبنان وحاكمه، عاد من منفاه في توسكانا الإيطالية ليُنشئ إحدى أكثر دول المنطقة في حينه قوةً ومَنَعَةً وازدهاراً (حكم بين 1590 و1635) وامتد حكمه وإمارته إلى الداخل السوري بما يفوق بكثير المناطق التي استرجعها اللبنانيون بدعم فرنسي مع إعلان الجنرال غورو «لبنان الكبير» في الأول من أيلول سنة 1920.
وفي الزمن القريب عاد الجنرال ميشال عون من منفاه الفرنسي، طوال خمس عشرة سنة، إلى رئاسة الجمهورية.
وخرج الدكتور سمير جعجع من إحدى عشرة سنةّ في زنزانة اليرزة إلى رئاسة حزب بارز ودور لافت في السياسة اللبنانية.
وحتى الرئيس كميل شمعون أُقصِيَ عن الصورة بعد أحداث 1958 الدموية، ليعودِ فيلعبَ دوراً استثنائيَّ الأهمية في السياسة اللبنانية رئيساً للحلف الثلاثي ثم رئيساً للجبهة اللبنانية في الحرب الملعونة… إلى كونه واحداً من أكبر الزعماء الذين عرفهم لبنان في تاريخه (…).
سقنا ما أوردناه أعلاه للتأكيد على اقتناعنا الراسخ بأن الرئيس سعد الحريري لن يغادرَه الدورُ، ولو أضطُرّ، هو، أن يتنحّى في المرحلة الآتية التي يُعْرَفُ كيف بدأت، أول من أمس، بإعلان التنحّي، ولكن لا يُعرف كيف تنتهي. من هنا نقول إن الانتهاء السياسي، في لبنان، لا يكون إلّا بالوفاة، حفظ الله الحريري وأمدّ في عمره…