لم تأت «مبادرة إجراءات إعادة بناء الثقة بين لبنان والشرعيتين العربية والدولية» على ذكر «حزب الله»، لكن مصيرها يتوقف على جواب هذا «الحزب» تحديداً وليس على جواب رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية الجاهز محبةً وتمسكاً بوشائج وروابط الأخوة وشقيقاتها.
والمبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، تُحيل الى الذاكرة ثوابت السياسة الكويتية تجاه لبنان والعالم العربي. تلك السياسة التي أرساها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وقادها وزيراً للخارجية ثم رئيساً للدولة، وحظي لبنان منها حرصاً على وحدته وسلامه وازدهاره خلال الحروب ولدى إعداد اتفاق الطائف وبعده وحتى يومنا هذا.
وانطلاقاً من ثوابتها تجاه لبنان ودورها الجامع في حياة دول الخليج العربي قادت الكويت الإعداد لمبادرتها الجديدة. جال الوزير الناصر في اوروبا بعد القمة الخليجية وجولة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على دولها، وتابع حصيلة لقاءات الرئيس الفرنسي وبيانه المشترك مع السعودية قبل ان يحمل اوراقه الى لبنان. وفي انتظار الجواب اللبناني نهاية هذا الأسبوع تحادث مع نظيره الأميركي انطوني بلينكن حول «إجراءات إعادة بناء الثقة» التي تضمنها مشروعه.
على تمايز مع مختلف البيانات الخليجية لم تسمِّ بنود الورقة الكويتية «حزب الله» بالإسم. وهي عملياً كررت المطالب اللبنانية والعربية والدولية الى المسؤولين اللبنانيين. من ضرورة القيام بإصلاحات شاملة الى تنفيذ الطائف الى احترام سيادة ووحدة لبنان والتزامه تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتعزيز دور الجيش وحصرية السلاح وإنشاء آلية مساعدة للشعب اللبناني. تلك هي مطالب لبنانية خاصة تلتقي أيضاً بمطلبي المبادرة في منع ان يكون لبنان منطلقاً لاعمالٍ إرهابية تزعزع استقرار المنطقة، ووقف العدوان اللفظي والعملي ضد الدول الخليجية. وفي هذين البندين الأخيرين لم يرد ذكر «حزب الله» مع ان الواضح انه المقصود حيث ان أحداً غيره لا يتولى مهمات خارج الحدود.
لم تتطرق المبادرة الى موضوع المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي ولا الى الحق بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا… فما يهمها ويهم الاجماع العربي والدولي هو وقف التدخل في شؤونها وهذا أمر طبيعي، وغير الطبيعي أن يقول لبنان شيئاً آخر.
الجواب اللبناني النهائي هو عند الحكومة ورئيس الجمهورية ومن حقهما على طريقة وزيرهما المستقيل الاستعانة بصديقهما في حارة حريك… إذا وجداه على السمع، وهذا، على الأرجح، أمر مستحيل.