أعتذر من القرّاء الكرام، لأنني سأتوقف عن نشر سلسلة من المقالات تحت عنوان «أميركا اختارت إيران بديلاً لإسرائيل»، ولكن أعدُ القرّاء الكرام بأني سوف أعود للكتابة قريباً. لأني أعتبر ان القارئ العربي واللبناني بحاجة الى كثير من المعلومات التي ستُغَيّر نظرته الى كثير من الأمور.
لا شك بأنّ موضوع الانتخابات النيابية هذه المرة له نكهة مختلفة… إذ لم يمر في تاريخ لبنان واللبنانيين، أن يَعْزِفَ زعيم كبير من «وزن» الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في الانتخابات. ولا أريد هنا أن أبحث عن الأسباب التي دفعته الى اتخاذ مثل هذا الموقف، ولا يهمني ما يدور من مؤامرات على زعيم بحجم الرئيس الحريري…
لكنّ هناك الكثير الكثير من الكلام عن زعامة الرئيس سعد الدين الحريري حيث أثبت أنه الزعيم الوحيد، لا بل أكبر زعيم لأهل السنّة من دون أن يكون هناك ثانياً أو ثالثاً أو رابعاً الخ… لأن عزوفه عن الترشح فضح الجميع..
لا أقول هذا الكلام مَذَمّة بأحد، بل أقوله اعترافاً بالحقيقة التي يجب أن تُقال..
في الحقيقة إنّ أهل السنّة في لبنان هم أصحاب ضمائر حرّة وهم صادقون في محبتهم.. صحيح ان من الصعب عليهم أن يحبّوا زعيماً ولكن عندما يحبّون زعيماً لا يستطيع أحد ولا تحت أي ظرف من الظروف حتى من خلال السلاح أو المال أن يغيّرهم.
لقد أحبّوا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. وبعدها بقيت الساحة فارغة حتى جاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري في التسعينات… حين بدأ مشروعه للتعليم… فماذا يعني أن تُعَلّم على حسابك الشخصي 35 ألف طالب جامعي في كافة الاختصاصات من طب وهندسة وعلاقات عامة وفيزياء وغيرها من العلوم لأناس لا يعرفهم، ولا يعرف مذاهبهم ولا يهمه نوع طائفتهم أو انتماءاتهم أو حتى لونهم.. فقط كانت الفكرة انك عندما تساعد عائلة من خلال أبنائها حتى تخرجهم من الجامعات، في كل بلاد العالم من أوروبا الى أميركا. فإنّ هؤلاء المتخرجين يبدأون العمل بعد تخرجهم ويعيلون عوائلهم.
من هذه الزاوية لا يزال اللبنانيون صامدين أمام جميع المصائب والمصاعب التي سبّبها السلاح الذي يعانون منه.
وتصوّروا ان هناك 8 مليارات دولار تَرِدُ من اللبنانيين في الخارج الى أهاليهم في لبنان، ما أنقذ الموقف الصعب الذي يتخبّط به هؤلاء اللبنانيون.
بالعودة الى موضوع زعامة الرئيس الشهيد الذي أصبح بعد عبد الناصر الزعيم الأوحد لأهل السنّة في كل لبنان، وهذا ثابت من خلال الانتخابات التي جرت عام 2000 حيث حصل على جميع مقاعد النواب السنّة في لبنان وعلى مقاعد النواب المسيحيين في المناطق المشتركة، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ لبنان.
ما فعله الرئيس الشهيد رفيق الحريري، جاء ابنه الرئيس سعد الحريري وكرّره في انتخابات عام 2005، وكرّره مرّة ثانية حتى في ظل قانون عجيب غريب هجين.
اليوم يحاول الكثيرون أن يحلّوا محله، ولكن تبيّـن ان المهمة صعبة بل مستحيلة، ولا أريد أن أذكر أسماء معيّنة لأنني أحترم الجميع باستثناء أحد تجار السلاح الذي بنى مؤسّساته من تجارة السلاح والعمولات، والأسوأ أنه تسبب في سجن وزير خارجية بريطانيا الأسبق جورج اتيكن.. طبعاً موقفي منه، لأنّ ثروته هي مال حرام. ولا أريد أن أشهّر به، ولا يهمني ما يقوله، لأنه بالنسبة لي ساقط مهما فعل، وسيبقى رجلاً خارجاً على القانون، ويجب أن يكون مكانه في السجن وليس في مجلس النواب.
أما بالنسبة للذين يحاولون أن يرثوا الرئيس سعد الحريري فأقول لهم: إنّ العطاء عند الانسان محبة وكرم من عند الله، والبخل عار فالبخلاء مكروهون ومنبوذون حتى ولو أصبحوا من أصحاب ملايين الدولارات. هؤلاء أموالهم مُحَرّمة عليهم، لأنهم يفرحون حين يخبئونها في البنوك الخارجية.
على كلٍّ، يكفي انه ولغاية اليوم لم يستطع أحد أن يؤلف لائحة في بيروت «عليها القدر والقيمة»، وهنا أعتذر من كل المرشحين لأنه ليس الهدف التهجّم على أحد، لأنّ معظمهم لا يملكون المال. والانتخابات بحاجة الى أموال كثيرة، أما الذين يملكون المال الكثير، فمالهم محرّم عليهم وسوف تأتي النتائج لتثبت ما نقوله.
قد يقول البعض الآخر إن الشيعة سيكونون متحدين في لائحة واحدة ضمن ما يسمّى بـ«الثنائي الشيعي» وهذا صحيح.
لكن يجب أن لا نترك الساحة لهم وهذا صحيح أيضاً… ولكن الحزب العظيم يقبض سنوياً مليار دولار للرواتب والأكل والشرب والطبابة وملياراً آخر ثمن أسلحة وصواريخ.
أليْس هذا صحيحاً؟!.
فبالله عليكم، كيف ستحاربون المليار دولار بالصلاة والصوم والتمني؟
قولوا لي وأنا معكم..
إنّ الرئيس الشهيد رفيق الحريري… والرئيس سعد الحريري… هما شخصيتان لن تتكرّرا في تاريخ لبنان.