يخطف النواب السنّة الأنظار طوال يوم غد السبت، حيث سيلبّون دعوتين منفصلتين، الأولى في دار الفتوى والثانية لدى سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري. تأتي الدعوتان، ورغم اختلاف تفاصيلهما، في وقت يغيب الرئيس سعد الحريري منذ أشهر عن المشهد السياسي عمومًا والسنّي خصوصًا. فماذا يعني هذا الحراك المستجد؟
في الشكل، يكشف مصدر سياسي سيحضر اللقاءين، أنّ تجميع النواب السنّة يأتي بعد فشل إعادة لمّ شمل فريق 14 آذار، حيث هناك من يضغط من أجل إنشاء جبهة مواجهة لـ»حزب الله»، لا سيما قبل الانتخابات الرئاسية، وذلك من أجل مواجهة أي مرشح رئاسي يتبنّاه الحزب. هذا الأمر يتناقض بالطبع مع ما رَشَح عن حضور نائبين سنّيين عن «كتلة الوفاء للمقاومة» هما ينال الصلح وملحم الحجيري، إضافة لعضو «كتلة التنمية والتحرير» قاسم هاشم وكذلك النائب حسن مراد. يرى المصدر، أنّ دعوة هؤلاء لدار الفتوى هدفها إحراجهم، إلّا أنّ حضورهم سيعزز الوصول إلى الهدف الباطني من اللقاء، وهو تحويل دار الفتوى وشخص المفتي دريان إلى مرجعية سياسية بعد المرجعية الروحية، وهذا ما يعني أنّ ضوءًا أخضر أُعطي أكثر فأكثر لحصار تيار «المستقبل» وإبعاد الرئيس سعد الحريري عن القرار في أكبر مؤسسة سنّية في لبنان.
وبحسب المعلومات، فإنّ المفتي دريان، ورغم علاقته الوثيقة بالرئيس سعد الحريري، ورغم تواصلهما الدائم، إلّا أنّه يبحث عن صيغة لإعادة انتخاب مجلس شرعي جديد، لن يكون لتيار «المستقبل» بداخله اكثرية من الأعضاء.
بالطبع لن يُرسم للقاء النجاح المطلوب على كل الأصعدة، فسحب بساط المرجعية من «بيت الوسط» قد يكون سهل المنال مرحليًا، ولكن ايجاد اجماع سنّي في وجه «حزب الله» اليوم لا يمكن له أن يحصل بالسهولة المتوقعة، خصوصًا أنّ عدد الحضور في هذا اللقاء قد يتقلّص إلى النصف في حال التصعيد في وجه الحزب، حيث سيغيب في أي لقاء آخر نواب 8 آذار، ليضافوا إلى كل من اسامة سعد وحليمة قعقور وابراهيم منيمنة، الذين سبق وأعلنوا عدم نيتهم تلبية الدعوى.
يتطلّع معدو اللقاء والمروّجون إلى هذه الخطوة، أن يتمكن المفتي من لعب الدور الذي يلعبه بعض رجال الدين الآخرين في طوائفهم، وأن يصبح كل ترشيح لكل منصب سنّي هو ملك دار الفتوى وحدها.
على صعيد متصل، وبحسب المعلومات، فإنّ معظم النواب الذين سيلبّون دعوة المفتي دريان سيتوجهون بعدها للقاء السفير السعودي وليد البخاري، باستثناء عضوي «كتلة الوفاء للمقاومة» اللذين لم تتمّ دعوتهما.
كلمة السفير السعودي، بحسب المعلومات، سترسم معالم الفترة المقبلة، وستحدّد السياسة السعودية في لبنان منذ الإنتخابات الرئاسية وصولًا إلى استحقاقات عديدة مقبلة. كلمة بخاري لن تخرج بالطبع عن فحوى البيان السعودي- الفرنسي- الأميركي، الذي دعا لتشكيل حكومة تضمن تطبيق الإتفاقات الدولية ومنها 1701.
يُربط هنا بين دعوتي يوم السبت وجولة السفير البخاري على القيادات السياسية، والتي بدأها من كليمنصو واستتبعها بزيارة معراب. فتشير الأجواء، أنّ الجانب السعودي يسعى للوصول إلى اجماع على رئيس توافقي متوافق مع محيطه الاقليمي، وهنا قد يُتّبع الأسلوب اللبناني برفع السقف، عبر تبنّي مرشح مواجهة، من أجل تبنّي مرشح «ألين» في ما بعد، يكون طريقه إلى قصر بعبدا أسهل، يُجمع عليه اللبنانيون وكذلك الدول الإقليمية والمجتمع الدولي.
قد يكون جمع ممثلي الشارع السنّي في مشهدين يوم السبت المقبل، مؤشرًا حقيقيًا إلى عودة السعودية إلى الساحة اللبنانية من بوابة الاستحقاق الرئاسي، وقد يكون أيضًا يوم السبت بابًا جديدًا يُغلق بوجه تيار «المستقبل» عبر تغييبه، عن قصد أو غير قصد، عن القرار السنّي للمرة الاولى منذ حوالى 30 عامًا!