أثبتت الاحتفالات باستقبال الرئيس سعد الحريري أنّ هذه الظاهرة لا تستطيع أي قوّة أن تلغيها.
العجيب الغريب ان الرئيس سعد الحريري جاء الى السياسة عندما امتدت يد الغدر والمؤامرة ففجرت موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعبوة زنتها أكثر من 1000 كلغ كي تكون هذه الرسالة إنهاءً لما يسمّى بالحريرية السياسية التي استطاعت ولأوّل مرة في تاريخ لبنان أن توحّد المسلمين من أهل السنّة. لم يتوحّد أهل السنّة في تاريخ لبنان حول زعيم كما حصل مع الشهيد الرئيس رفيق الحريري. هذه الظاهرة الفريدة والوحيدة من نوعها انتقلت الى ابنه سعد. وهذا نادراً ما يحصل بانتقال الزعامات.. وهنا لا أريد أن أذِم أو أجْرّح أحداً، ولكن علينا أن نعترف بالحقيقة. الحقيقة ان الرئيس سعد الحريري، هو السياسي الوحيد الذي جاء الى الحكم ومعه 4 مليارات دولار وخرج وهو لا يملك شيئاً، وبالرغم من ذلك سافر الى أبوظبي واستُقبل من قِبَل القيادة الإماراتية أفضل استقبال ورعاية، وهو اليوم عاد كما بدأ أيام والده المغفور له الشهيد رفيق الحريري يعمل في شركة جديدة أسّسها ويمضي الأيام من الصباح الباكر الى آخر الليل يتابع أعماله.
بالنسبة لزيارته الى بيروت في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري قال لي: إني لا أستطيع أن أُفوّت فرصة ذكرى اغتيال والدي فلا أحضر الى بيروت لقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.
وبالفعل كنت مدركاً انه سوف يأتي، ولكن لم أتعاطَ بالموضوع فتركته وفضّلت أن أكون مراقباً.
عاد الرئيس سعد الحريري الى بيروت وذهب الى ضريح والده الشهيد رفيق الحريري وقرأ الفاتحة ومعه عمّته وعمّه، وكان يتمنى أن يكون باقي العائلة موجودة معه، ولكن للأسف ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
المفاجأة كانت بالنسبة للجميع، ولكن بالنسبة لي لم تكن تلك مفاجأة، إنها حب الناس لهذا الزعيم الصغير في السن الكبير في القلب والمحبة والتسامح والذكاء.
البعض يأخذ على الرئيس سعد انه قبل قانون الانتخابات النيابية، وللتاريخ يجب الاعتراف بأنّ هذا خطأ، وكان يجب أن لا يوقع على المرسوم. ولكن عندي سؤال عندما أجمعت القوى السياسية بأكملها وبالأخص حلفاء الرئيس الحريري الذي يجب أن يكونوا حلفاء له. ماذا كان سيفعل؟ طبعاً لا شيء.
فالحقيقة هي أنّ قائد «القوات اللبنانية» هو صاحب نظرية أن يكون المسيحي المنتخب نائباً جاء بأصوات مسيحية لا بأصوات المسلمين.
الموضوع الثاني الذي يحمل نقداً للرئيس سعد الحريري هو موضوع تأييد الرئيس السابق ميشال عون ومساعدته في الوصول الى قصر بعبدا… هذا الموضوع يوضحه قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالادعاء ان «اتفاق معراب» حصل عندما شاهد التقارب بين الرئيس الحريري والوزير سليمان فرنجية حول تأييده للرئاسة، وهذا غير حقيقي، لأنّ الحقيقة ان د. سمير جعجع كان قد تصالح مع الوزير فرنجية قبل تأييد الرئيس الحريري له.
لذلك، فإنّ الحقيقة هي ان الرئيس الحريري يتحمّل مسؤولية مجيء عون. ولكن المسؤولية الأكبر هي على د. سمير جعجع، لأنّ الذي أوصل عون الى الرئاسة هو «اتفاق معراب».
القضيتان اللتان تعتبران من أخطاء الرئيس سعد الحريري سببهما شخص آخر.
على كل حال، فإنّ الذي حدث حدث وأصبح تاريخاً، والأهم ان الزعيم الوحيد لأهل السنّة في لبنان هو الشيخ سعد الحريري، والانتخابات النيابية الأخيرة أثبتت ذلك، إذ يكفي انه لا يوجد نائبان مع بعضهما البعض، ويكفي ان أحدهم دفع 20 مليون دولار من أجل إنجاح نائب وفشل.
الزعيم الحقيقي بدون أي منافس هو سعد الحريري، وتلك حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها.