جذبت العودة الثانية للشيخ سعد الى بيروت بعد تعليق عمله السياسي، الانظار اليها، شكلا ومضمونا، حيث بقيت اللقاءات والزيارات التي قام بها، واستقبالاته السياسية والدبلوماسية ، والمواقف التي ادلى بها، علنا وسرا، موضع رصد ومتابعة من قبل المعنيين، كونها تشكل مؤشرا الى الاتجاه الذي سيسلكه رئيس الحكومة السابق ،في حال نجح في الاختبار السعودي، لناحية الاستمرار بتعليق عمله السياسي او العودة عنه، مستقبلا، انسجاما مع رياح التغيير التي هبت على المنطقة منذ 7 تشرين الاول الماضي وما قد تحمل معها من تسويات ستطال لبنان حكماً وتشكل فرصة لعودة الحريرية الى السلطة.
مصادر واكبت الزيارة بتفاصيلها، توقفت عند ابرز ما سجل على هذا الصعيد من نتائج مباشرة، حتى الساعة، يمكن اختصارها بالتالي:
-اعادة التوازن الى فريقه الامني، المتمثل بالعلاقة بين مدير عام قوى الامن الداخلي ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود، بعد الحرب التي قامت بينهما، وعجزت كل الوساطات عن وقفها، وترجمت في تشكيلات المديرية الاخيرة، حيث بلغ الحديث حد “تطيير” حمود في مرحلة لاحقة، وقد تقصد “الشيخ سعد” اظهار صورة الضابطين وهو يتوسطهما “بضحكتهما” ، في مؤشر الى من يعنيهم الامر.
-الاستقبال الذي اقامه للمفتين وقضاة المحاكم في بيت الوسط، بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعدما قيل ان بيت الوسط خسر الى حد كبير خلال انتخابات المجلس الشرعي الاخيرة وان البساط سحب من تحته ليأتي مشهد القاعة الكبرى ليبين العكس.
– نجاحه في اعادة لم شمل النواب السنة، او عددا كبيرا منهم، وكذلك الشخصيات السنية الفاعلة، في مشهد مبايعة جديدة للشيخ سعد، خصوصا شمالا، حيث يتوقع ان تكون معارك “طحن العضم” واظهار النفوذ في انتخابات 2026، والتي سيحدد نوابها التوازنات في المجلس الجديد، اذ نجح نواب المنطقة السنة وشخصياتها في اعادة استنهاض الشارع السني في عكار وطرابلس خصوصا والشمال عموما.
-ولعل ابرز الاشارات التي قدمتها الزيارة، كانت تقصد ان تكون الاطلالة الاعلامية الاولى له، عبر قناة “العربية- الحدث”، مع ما تحمله من رمزية، علما ان اكثر من محطة وشخصية اعلامبة كانت طلبت عقد لقاء متفلز مع الرئيس العائد الا ان الدوائر المعنية في بيت الوسط اعتذرت. واللافت الابرز في الاطلالة هو تضمنها الموقف السياسي الابرز والاهم، والذي يؤشر الى تموضع “الشيخ” الجديد في حال حسمت العودة، حين عبر صراحة عن موقفه من حزب الله واعتباره ان الله يمهل ولا يهمل وما يحصل اليوم خير دليل، رغم انه بدا ظاهرا عدم رغبته في الدخول في الجدل حول ما يقوم به حزب الله على الجبهة الجنوبية. وقرات الاوساط في ذلك رسالة الى السعودية ومن السعودية في نفس الوقت. يضاف الى ذلك تبريره لتسلمه رئاسة الحكومة خلافا لرغبة الرياض.
-اضافت الزيارة نقطة خلاف جديدة ومادة توتر اضافية، على جبهة تكتل لبنان القوي، حيث بدا واضحا وجود اختلافات كبيرة بين اعضائه، تشكل قضية الحريرية السياسية احد معالمها، وقد بدات تظهر الى العلن، سواء في مواقف بعض النواب النافرة، او في ردود فعل القواعد العونية على حركة هؤلاء النواب.
وغمزت المصادر من قناة انسحاب شقيقه الاكبر الشيخ بهاء من الملعب السياسي اللبناني، عشية ذكرى الرابع عشر من شباط، مع اقفاله المؤسسات الاعلامية التي انشاها ووقف نشاطه بالكامل، وهو ما قرا على انه تمهيد للساحة السنية، وازالة لكل العقبات التي “وضعت” في فترات سابقة امام الشيخ سعد.