Site icon IMLebanon

كلمة سرّ الاستشارات: الفراغ ممنوع وحكومة الأكثرية خيار

 

 

تزامناً مع اعلان بعبدا عن موعد الاستشارات النيابية، حسمها نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم: “الوقت ليس مؤاتياً لتعديل أو تغيير موازين القوى ولا للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية ولا لابتداع صيغ لحكومة لا تمثل الكتل النيابية”. رسالة عشية الاستشارات النيابية بأن أي تكليف أو تأليف لن يكون خارج هذا الإطار فهل نكون أمام حكومة اللون الواحد مجدداً؟ وبالتزامن، لرئيس الحكومة سعد الحريري اطلالة متلفزة اليوم. في مكان ما وكأنّ كرة الاستشارات رميت في ملعب الحريري قبل غيره بقصد دفعه لإخراج موقفه الى العلن. فهل سيكون بمقدوره استباق نتائج الاستشارات بإعلان مرشح عنه؟ أم سيعلن عن سلة شروط متصلة بالملف ويبرر عدم قبوله التكليف؟ لا يُحسد الحريري على موقفه اليوم، فلا هو قادر على تصعيد الموقف تجاه الثنائي الشيعي وفريق رئيس الجمهورية كي لا يزيد التعقيد الحكومي تعقيداً، ولا هو قادر على مجاراته وعين الخارج شاخصة بإتجاهه.

 

أسبوعان على اعتذار السفير مصطفى أديب عن التكليف. باستثناء الرد على خطاب امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله لم يحرّك نادي رؤساء الحكومات الاربعة ساكناً ولو خرج من بينهم منادياً بمبادرة لم تجد من يتلقفها حتى من داخل النادي ذاته. لم يتهم أعضاء النادي رئيس الجمهورية بالخروج على اتفاق الطائف ولم يسارعوا الى اجتماعات مفتوحة للبحث في اسم الرئيس المكلف.

 

بدعوته حرّك عون الجمود المحيط بالملف الحكومي، وفتح باباً للنقاش بين القوى السياسية المعنية، فاذا تم التوصل الى اتفاق قبل الموعد المحدد يكون عاملاً إيجابياً، وإلا سيضطر الى ارجاء موعد الاستشارات لمنح مهلة اضافية. تجاوز عون الاتهامات بتأخير موعد الإستشارات وعدم تطبيق اتفاق الطائف، ووجه رسالة واضحة الى الفرنسيين انه يقوم بدوره. بجزء كبير فإن المشكلة هنا دستورية بالنظر لما يفتقده الدستور من عدم تحديد للمهل، باستثناء تلك التي تقيد رئيس الجمهورية بمهلة 15 يوماً لردّ اي قانون والا يصبح نافذاً.

 

منذ استقالة الحريري ونتيجة التوتر السياسي الذي ساد آنذاك، أخذ عون وقته قبل تحديد موعد الاستشارات في محاولة لإقناع الحريري إما بالعودة الى ترؤس الحكومة وإما بتبني مرشح غيره. وحين رفض مصراً على تشكيل حكومة اختصاصيين ذهبت الاكثرية النيابية نحو تكليف حسان دياب. وبعد استقالة دياب، ومع دخول فرنسا على الخط بعد انفجار الرابع من آب، كُلّف أديب لكنه عجز عن تشكيل حكومة. مضى اسبوعان ولم ترتفع الاصوات بوجه عون لعدم تحديده موعداً للإستشارات، فهل عادوا الى مقاربته التي تقول بضمان أن يكون التأليف نتيجة حتمية للتكليف، وهذا لم يحصل قبل تكليف مصطفى أديب.

 

تفيد المعطيات أن عون أجرى مروحة مشاورات قبل دعوته الى الاستشارات الملزمة بنتائجها، ولكن هذه المشاورات لم تنته الى توافق على اسم رئيس مرشح للتكليف، ما يطرح السؤال الى اين؟ وماذا اذا لم تحمل الاستشارات الى التكليف؟ أو كنا امام تكليف بلا تأليف فتتكرر تجربة أديب ثانية، أو أن يكلف الرئيس ويحتفظ بتكليفه الى ما شاء الله؟ أو ان تتشكل تكتلات سياسية ويتفق كل تكتل على إسم مرشح وتكون الغلبة للأكثرية.

 

المطمئن ان المسألة لا تزال مرتبطة بسياق المبادرة الفرنسية والفرنسيون يتولون الاتصالات، وفق ما تفيد معطيات مصادر معنية بالملف الحكومي، والتي تجزم ان الاتفاق الوحيد او كلمة السر الوحيدة المتفق عليها بين الثنائي الشيعي ورئيس الجمهورية، هي عدم السماح بإطالة أمد الفراغ الحكومي ولو لم يتم الاتفاق نهائياً بعد على اسم رئيس مكلف. وحتى موعد الاستشارات تكون الأمور توضّحت فأعلن الحريري موقفه وتبلورت صورة ولو أولية ليبني فريق الاكثرية موقفه على أساسها. عامل آخر ايجابي في العملية هو الاعلان الفرنسي عن مؤتمر لمساعدة لبنان يعقد الشهر المقبل، ما يعني الزامية تشكيل حكومة قبل ذلك الموعد ليتمكن لبنان من اعداد ملفاته. كل ما تقدم يدخل في باب الاحتمالات وسط وقائع صار تجاوزها مستعصياً، وهي انعدام الثقة والقطيعة التي تحكم العلاقة بين الاطراف السياسية، وارتباط الازمة ببعدها الخارجي اكثر منه داخلياً، لكن هذا لا يلغي شرف المحاولة.