أسبوعان مرّا منذ إعلان الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته الفضفاضة تحت ضغط الانتفاضة الشعبية في وجه الانهيار الاقتصادي والمعيشي وانهماك أركان السلطة في سياسة التقاسم والمحاصصة وما ينتج عنها من مفاسد.
وحتى اليوم لم يجرِ رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة بديل. مع ان الدستور ينص على اجراء هذه الاستشارات كخطوة طبيعية لتأمين عدم وقوع الفراغ في السلطة.
صحيح أن الدستور لا ينص على مهلة محددة لاستشارات التكليف والتأليف، وهذه ثغرة من ثغرات دستور الطائف، إلا أن واضعي ذلك الدستور اعتبروا أن تثبيت ولاية رئيس الجمهورية لمدة 6 سنوات، وولاية رئيس مجلس النواب لمدة اربع سنوات، يفرض عدم تحديد مهلة تأليف لرئيس الحكومة، لخلق هامش مساواة بينه وبين الرئيسين الثابتين، لكنها مهلة لاحقة للتكليف ولا تسبقها. وبالتالي فإن تأخير استشارات هذا التكليف تفتح الباب امام مشكلة دستورية تعيد إلى الاذهان ذلك النقاش المبتور عن الصلاحيات ودور رئيس الجمهورية بعد الطائف.
الحاصل الآن أنه تم ضرب فكرة الاستشارات الملزمة والتكليف والتأليف ووضع بيان الحكومة المنتظرة من أساسها. وإذا كان مبرراً للقوى السياسية ألّا تتوقف لحظة عن التشاور، خصوصاً في ظل أزمة وطنية كالأزمة الراهنة، فإن غير المبرر ان يجري العمل لتسمية رئيس حكومة قبل الاستشارات، وأن يجري فرض اسماء الوزراء على رئيس لم يكلف بعد، ويكتمل الانقلاب بفرض خطوط وربما نص لبيان حكومة لم تعلن بعد!
… لبنان اليوم يعيش بين عالمين، عالم المواطنين الذين يطالبون بحكومة نظيفة على قول بكركي، وعالم بضعة مواقع سلطوية مستعدة لاتباع أية وسيلة لحفظ مصالحها.