Site icon IMLebanon

تكليف آمن وليونة أميركية؟

 

 

بات السؤال هل يكفي أن يكون الإصرار الغربي على قيام حكومة بسرعة حتى يسلك تكليف زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري طريقه إلى النور الخميس المقبل، على رغم العرقلة التي أمل بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لتسميته، عبر تأجيل استشارات الخميس الماضي، أم أن السبب الرئيسي لتأخير ولادة الحكومة إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفق الفرضية القائلة إن “الحزب” يتماهى مع انتظار إيران الانتخابات، قد يؤدي إلى افتعال تأجيلٍ ثانٍ؟

 

مع أن وقائع الأيام الماضية تشير إلى مدى الامتعاض الفرنسي والأوروبي، وامتعاض بعض الدول العربية أيضاً، إزاء هذا التأجيل، ستجعل من الصعب على الرئاسة ارتكاب التأجيل مجدداً، فإن المخاوف من تكراره بقيت مطروحة، على تراجع هذا الاحتمال.

 

وأما تأخير تأليف الحكومة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية فوارد لحسابات من قبل غير “الحزب”، الذي يرجح ميله إلى التسريع إذا حصل على تجاوب من الحريري.

 

لم يعد أي من اللاعبين يرى في موقف عون وباسيل حجر عثرة أمام تكليف الحريري. باسيل بات منبوذاً على الصعيدين الداخلي والخارجي أكثر من السابق، وصار عالة على المسرح السياسي وحتى على تياره المتخبط، والذي وجد عدد من نوابه أنه أوغل في موقفه الشخصي ضد عودة الحريري إلى الرئاسة الثالثة، حتى لو كانت في سياق إحياء المبادرة الفرنسية وتجنيب الانهيار المحتم للوضع المالي، وبالغ في افتعال المواجهات مع الحلفاء والخصوم والتأزيم الذي يضاعف خسائر “التيار”. بات باسيل يعبر عن موقفه ضد الحريري عبر “الهيئة السياسية” للتيار بعد رفض عدد من نواب تكتل “لبنان القوي” مجاراته، إلا قلة منهم يبررون موقفه على الشاشات. أما حليفه “حزب الله”، فلا يبدو مهتماً لموقف باسيل بعد إخراج التباينات بينهما إلى العلن.

 

أسقط حزب “القوات اللبنانية” حجة عون وباسيل حول غياب الميثاقية عن تكليف الحريري بذريعة أن عدم تسميته من نوابها ومن نواب “التيار الحر” كأكبر كتلتين مسيحيتين، فاعتبر نواب “القوات” ان مبدأ الميثاقية ينطبق في التأليف لا التكليف، ومع معارضتهم عودته للرئاسة الثالثة يشددون على أنه إذا نجح في توليف تركيبة حكومية مقبولة من الاختصاصيين والإقدام على الإصلاحات “سنتعاون معه”.

 

آخر مظاهر نبذ باسيل كان استثناء مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى ديفيد شينكر الرجل من لقاءاته للقيادات السياسية، فكانت الرسالة حياله سلبية ومزدوجة بتقصّد اجتماعه مع خصومه ولا سيما سليمان فرنجية. ومقابل المعطيات المعروفة عن أن واشنطن لا تبدو معنية بعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة لا سلباً ولا إيجاباً، يعتبر من يرجحونها أن الديبلوماسية الأميركية صارت أكثر ليونة حيال توليه المهمة. فهي بعد انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود تعوّل على إنجاحها، وهي أكثر ميلاً لقيام حكومة تواكب التفاوض ثم تشرّعه وتحقق شيئاً من الاستقرار للبلد، لكن الممر الإلزامي الذي تراه وتصر عليه هو الإصلاحات. ومع تكرار الجانب الأميركي وقوفه ضد تمثيل “حزب الله” في التشكيلة الحكومية، هناك من يلمس ليونة إزاء إمكان اختيار وزراء أصحاب اختصاص غير حزبيين، يسميهم “الحزب”، لا يتولون حقائب تضطر واشنطن للتعاطي معها. والمخرج الأقرب للتطبيق مع رئيس البرلمان نبيه بري، هو تسليم الحريري لائحة أسماء، له أن يرفض من تتضمنه ليتم تقديم غيرها إلى أن يرسو خياره على إحداها.