Site icon IMLebanon

الحريري والتراجع… من 111 صوتاً إلى 65

 

عاد سعد الحريري رئيساً مكلفاً بـ65 صوتاً بعد عام على الثورة، وسط حجب عدد من الكتل الأساسية أصواتها عنه وعلى رأسهم كتلتا “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ”.

 

كان ليل الأربعاء – الخميس مكوكياً في “بيت الوسط”، حيث كان البحث عن أصوات مسيحية اضافية بعدما رفض الحريري الحوار مع رئيس “الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل وهاجم “القوات” في إطلالته الأخيرة، وتدرج موقف الحريري في الأيام الأخيرة من رفض الترشيح بعد تنحي الرئيس مصطفى أديب الى إعلان نفسه مرشحاً طبيعياً والحاجة للإتصال بالنائب أسعد حردان لتأمين تصويت كتلة الحزب “القومي السوري”، والاستعانة برجل الأعمال أنطون الصحناوي للحصول على صوت النائب جان طالوزيان.

 

والناظر إلى رحلة الحريري في استحقاقات التكليف في حكومات عهد الرئيس ميشال عون يكتشف أنه في تراجع مستمر، ففي أول تكليف لحكومات العهد في 3 تشرين الثاني 2016 حصل الحريري على 108 أصوات، أما عندما كُلف لتأليف حكومة العهد الثانية بعد الإنتخابات النيابية، فقد حصد الحريري في الإستشارات التي جرت في 24 أيار 2018، 111 صوتاً.

 

لكن بعد إندلاع الثورة، بات الحريري في حيرة من أمره فحاول العودة إلى السراي وأحرق عدداً من الأسماء المرشحة ورفض اخيراً الترشح فتم تكليف الرئيس حسان دياب في 19 كانون الأول 2019، وحصل دياب على 70 صوتاً أي إنه تفوّق على الأصوات التي نالها الحريري بالأمس.

 

وطوال فترة وجوده خارج السراي، كان الحريري يدرس الخيارات، لكن اللافت أنه بعد انفجار المرفأ وسقوط حكومة دياب، أعلن في 25 آب أنه غير مرشح لرئاسة الحكومة من ثم أعلن في 8 من الشهر الحالي ترشيح نفسه، لتتسرب اجواء في 15 من الشهر الحالي أنه يتجه لسحب ترشيحه، ليعود ويؤكد بعد يومين أن ترشيحه قائم.

 

يعود الحريري إلى مهمة التأليف الصعبة وهو على شبه انقطاع مع الكتلتين الأكبر مسيحياً، فيما مُنح فرصاً كثيرة من المجتمع الدولي وتحديداً من فرنسا التي ساعدت في خروجه من الرياض بعد أزمة 4 تشرين الثاني 2017، مروراً بمؤتمر سيدر قبل أشهر من الانتخابات النيابية في 2018، وهنا يطرح المراقبون علامات استفهام حول مهمة الحريري الجديدة فحكومته لم تقم بالإصلاحات التي تعهد بها أمام المجتمع الدولي في “سيدر”، ولم تُشكّل لجنة متابعة لمقررات “سيدر” والتي لا دخل لباسيل أو “حزب الله” بعرقلتها، ولم يستطع تعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان وصولاً الى عدم إقرار التشريعات والإصلاحات البنيوية الكبرى على رغم تمتعه بأقصى مستويات الدعم المحلية والدولية. والمستغرب أن دياب تمكن من إطلاق لجنة المتابعة لـ”سيدر” وتشكيل مجلس ادارة لكهرباء لبنان بالرغم من الشوائب التي أحاطت ظروف التعيين، علماً أن حكومته كانت تحارب من الحريري.

 

اليوم يعود الحريري مع وعود جديدة بتنفيذ الإصلاحات، ويطرحها على المجتمع الدولي لكنه لم يتمكن من تحقيق إجماع على تكليفه، فكيف سيستطيع القيام بهذه المهمة وسط الخوف من أن تأتي حكومته إن أبصرت النور بخيبات أمل جديدة للبنانيين والمجتمع الدولي.

 

واللافت أيضاً أن الأطراف التقليدية ومنهم “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، تركوا الباب مفتوحاً للتشكيل وذلك لوضع شروطهم، ولن يكون باستطاعة الحريري إنجاح التشكيل من دون رضى “حزب الله” و”الوطني الحر” وعون، لذلك يطرح السؤال: لماذا يصرّ الحريري على احراق نفسه بعد ان حقق بعض التعافي في الرأي العام بعد استقالته، وهل هو واثق من أن عون سيوقع تشكيلته وهل إذا وقّع ستنال الثقة في مجلس النواب وعند الشعب؟