لا أحد ينكر على سعد الحريري اعتداله ولا لبنانيته ولا قربه من الناس ولا تضحياته ولا تمسكه بالثوابت الوطنية التي قام عليها لبنان وتحاول جهات عدة شطبها وتجاوزها لتحل محلها «ثوابت» لا علاقة لها بلبنان وبالشعب اللبناني. ولكن المشكلة عند الحريري كانت وما زالت فريق المستشارين والمقربين الذين فشلوا في حمايته من مواقف معينة او لم يقدموا النصيحة الصالحة وفي وقتها المناسب، خصوصاً انه حمل فجأة حملاً ثقيلاً هو الحمل الذي تسبب بقتل والده الشهيد المرحوم رفيق الحريري.
مما لا شك فيه ان سعد الحريري تعرض طول 15 سنة الى العديد من السقطات والخيبات والثغرات التي لا يتحمل كامل مسؤولياتها، وقد حان الوقت الذي يتحمل فيه مجدداً مسؤوليات بالغة الصعوبة والتعقيد في بلد يغرق الى ما تحت قعر الانهيار، أن يسمع جيدا النصيحة الجيدة ويرذل التي جربت ولم تعط قمحاً بل زؤاناً، لأن «من جرب المجرب كان عقله مخرباً» فكيف إذا جربه مرة ومرتين وثلاث وكانت النتيجة ذاتها وهي التي يدفع اللبنانيون اليوم ثمنها غاليا.
في الوقت الذي يفرض عليك البعض شروطاً يا دولة الرئيس ، ويقدم اليك نصائح هي اسوأ من الشروط ، هناك مافيات تهرب كل شيء مدعوم الى الخارج وبقوافل ضخمة من الشاحنات وعلى عين قوى الامن جميعها ، وزيادة في التحدي على اعين المواطنين الفقراء والجائعين. في المقابل هناك بطريرك يحمل هم لبنان هو البطريرك بشارة الراعي ينصحكَ بعدم عقد الاتفاقات الثنائية واعطاء الوعود، وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة، كما ان هناك دولا صديقة تشدد على تحقيق الاصلاحات التي تهربت من تطبيقها الطبقة الفاسدة طول سنة، وتأتي اليوم بتكبير الحكومة والابتعاد عن المداورة في الحقائب، والهرب من انتخابات نيابية مبكرة. طبعا الشعب يريد حكومة لتضع البلد على سكة الخلاص، ولكن الخلاص يكون بتطبيق المبادرة الفرنسية بحذافيرها دون زيادة ولا نقصان، والدلائل لا تبشر بالخير.